بها". وقال المرزوقي في شرحه: "الذهول ترك الشيء متناسبًا له ومتسليا عنه، ومنه اشتقاق ذهل يقول: إذا ضاق المنزل بي حتى يصير دار الهوان انتقلت عنه، واجعل خرابه وقاية للنفس من العار الباقي والذم اللاحق، وهذا قريب من قوله: "وإذا نبا بك منزل فتحول".
فهل هذا الشرح يدل على أن صاحب الشرح السابق قد أفاد منه، أن الأصل في الشعر أن يكون معنى البيت الذي يريده الشاعر واحدًا، وإنما الاختلاف بين الشراح يكون في تأويل هذا المعنى، فإذا حدث أن اتفقوا في هذا التأويل أصبح الاختلاف بينهم في اللغة والأسلوب، فكل منهم يصوره بلغته وأسلوبه، غير أن الفهم الذي يخرج به القاريء عادة يكون واحدًا، وفي هذه الحال لا ينبغي أن نذهب إلى أن أحد الشراح قد أفاد من الآخر، لأن هذا الآخر متقدم عليه في الزمن إلا إذا اتفقا في الألفاظ وفي الجمل على نحو ما رأينا عند ابن جني والنمري ونقل المصنف منهما، أضف إلى هذا أن هذه الحماسية التي ضمت هذا البيت قد اشتملت على ثمانية أبيات أخرى جاء شرح الشيخين فيها مختلفا تماما، فضلا عن أنهما اختلفا في رواية البيت الخامس فقد رواه المصنف هكذا:
أخي غمرات لا يريد على الذي ... يهم به من مقطع الأمر صاحبا
ورواه المرزوقي "أخي عزمات لا يريد ... إلخ".
ورابع هذه الأمور أن ليس بصحيح ما ذهب إليه الدكتور عسيلان في قوله إن المصنف "بدأت عنايته بالمعاني تقل في أواخر شرحه بحيث أصبح يركز أكثر ما يركز على تفسير معاني الكلمات، وأنه يبدو في هذا الجانب مستفيدًا من شرح المرزوقي"، فالحق أن المصنف ظل ثابتًا على منهجه الذي وضحناه في أول هذا
2 / 27