بنصه في شرح المصنف، ولم يعزه النمري كما فعل التبريزي قال: "ظاهر الكلام يقتضي ذلا لا عزا، فالعز لا يكتسب بالفرار ولكنها أرادت به أنهم أسلموا وخذلوا وكثرتهم الخيل فأحسنوا البلاء فقتلوا، ولو فروا لعذروا، وكانوا أعزة لم يلمهم صديق، ولم يعبهم عدو لوضوح أمرهم ولأنهم قد عرفوا بالشجاعة قبل".
وهذا الكلام فيه تغيير طفيف عن كلام النمري، غير أن جل ألفاظه جاءت مطابقة، وربما وقع هذا التغيير الطفيف من التبريزي الذي نقل كلام النمري، فنحن لم يصل إلينا شرح النمري، وإنما وصل إلينا مختصر منه كما أوضحنا من قبل، وحتى إن قلنا بأن هذا التغيير الطفيف قد وقع من المصنف فإن غلبة الألفاظ شاهدة على أنه أخذه من النمري، فلو كان المصنف يتعمد النقل من المرزوقي ثم يتصرف فيما ينقل، كما ذهب الدكتور عسيلان، لوجدنا ألفاظ المرزوقي وجمله على هذا النحو الذي رأيناه في نقل المصنف عن ابن جني والنمري.
وثالث هذه الأمور أن المثال الذي ساقه الدكتور عسيلان ليؤكد به إفادة المصنف من المرزوقي في شيء من التصرف لا يصلح أن يكون دليلا لما ذهب إليه فهو ينقل نصًا من شرح المرزوقي ونصا من شرح المصنف، وذلك عندما شرح كل منهما بيت سعد بن ناشب الوارد في الحماسية (١٠) في الشرحين، وهو البيت.
وأذهل عن داري وأجعل هدمها ... لعرضي من باقي المذمة جالبا
غير أنه لم ينقل كل ما جاء في الشرحين وهو كما قرأناه على النحو التالي:
قال المصنف في شرحه: "المعنى أن هذا الرجل كانت له دار موروثة، وكان يلحقه من قومه ضيم، وقدروا أنه يحتمل ولا يفارق داره فقال: أصرف قلبي عن داري واتركها تهدم، وذلك أهون علي من أن أقيم عليها معترفًا بالذل" فأذم به، فاجعل هدم داري مانعا لي من مذمة باقية كي لا يقال: إنه أقام على الذل ضنًا
2 / 26