فالجسد عيشه: الْأكل وَالشرب وَالنِّكَاح واللباس وَالطّيب وَغير ذَلِك من اللَّذَّات الحسية
فَفِيهِ بِهَذَا الِاعْتِبَار مشابهة بالحيوانات فِي هَذِه الْأَوْصَاف
وَأما الرّوح فَهِيَ لَطِيفَة وَهِي روحانية من جنس الْمَلَائِكَة فقوتها ولذتها وفرحها وسرورها فِي معرفَة خَالِقهَا وبارئها وفاطرها وَفِي مَا يقرب مِنْهُ من طَاعَته فِي ذكره ومحبته والأنس بِهِ والشوق إِلَى لِقَائِه
فَهَذَا هُوَ عَيْش النَّفس وقوتها فَإِذا فقدت ذَلِك مَرضت وَهَلَكت أعظم مِمَّا يهْلك الْجَسَد بفقد طَعَامه وَشَرَابه وَلِهَذَا يُوجد كثير من أهل الْغنى وَالسعَة يُعْطي جسده حَظه من التَّنْعِيم ثمَّ يجد ألما فِي قلبه ووحشة فيظنه الْجُهَّال أَن هَذَا يَزُول بِزِيَادَة هَذِه اللَّذَّات الحسية وَبَعْضهمْ يظنّ أَنه يَزُول بِإِزَالَة الْعقل بالسكر وكل هَذَا يزِيد الْأَلَم والوحشة
1 / 59