Explication des aphorismes d'Hippocrate
شرح فصول أبقراط
Genres
* الجزء الأول من شرح كتاب الفصول للإمام أبقراط لأبي الفرج * المسيحي (1)
قال الشيخ * الفاضل (2) أبو الفرج بن يعقوب المعروف بابن القف المسيحي الملكي المتطبب: الحمد لله خالق الخلق ومبدئه وباسط الرزق ومنميه، ومقدر العمر ومحصيه، وموجد المرض ومشفيه، ورضوانه على انبيائه وأوليائه * أجمعين (3) . وبعد: فقد سألني بعض من * اشتغل بصناعة الطب (4) أن أشرح له كتاب الفصول للإمام * أبقراط (5) ، وأن أذكر له مع ذلك الإيرادات التي للرازي وغيره وأجيب عنها وأرتب له على كل كلمة من كلمات فصوله بحثا خاصا. فأجبته إلى ذلك مستعينا بالله تعالي * ووسمته (6) بكتاب الأصول في شرح الفصول * والله يوفقنا وإياه لمعرفة الصواب بمنه وكرمه (7) .
المقالة الأولى * من كتاب الفصول (8) وهي أربعة وعشرون * فصلا (9) .
1
[aphorism]
قال أبقراط: العمر قصير والصناعة طويلة والوقت ضيق والتجربة خطر والقضاء عسر.
[commentary]
الشرح ههنا أربعة عشر بحثا.
البحث الأول
في علة تصدير أبقراط هذا الكتاب بهذا الفصل. اعلم أن الفضلاء قد اختلفوا في ذلك. فقال قوم غرضه بهذا الفصل صد الراغبين في هذا العلم عن الاشتغال به. قيل وذلك * لأن (10) عمر المشتغل به قصير وهو في نفسه طويل ووقت الاشتغال به ضيق والطرق الموصلة إلى معرفته بعضها خطر، * وهو التجربة، والبعض عسر شاق، وهو القياس (11) . قيل وإذا كان حال هذا العلم كذلك، فلا حاجة للاشتغال به. وهذا قول فاسد. فإنه كيف يليق بمن يريد تصنيف كتاب في علم ثم يصدره بما يصد الراغبين في ذلك العلم عن الاشتغال به؟ * وقال (12) الرازي: غرضه بذلك تمهيد عذر الطبيب متى وقع منه تقصير في معالجته. وهذا القول فيه نظر. وذلك لأنه إما أن يكون عند من يعرف * إمكان (13) صناعته وإما عند من لا يعرف ذلك. فإن كان الأول، فلا حاجة به إلى ذلك لأن من يشاركه في صناعته يعرف إمكان الصناعة. وإن كان الثاني، فإنه لا يقبله. وذلك لأن العوام لا يقبلون من الطبيب تقصيرا في المداواة فيمن فيه قبول المعالجة البتة لو لا علمهم بحتم الموت * الذي (14) لا بد منه. ولعلهم ينسبون ذلك في أكثر الأحوال إليه. ومنهم من قال غرضه بهذا بيان احتياج الطبيب إلى استعمال الحدس والتخمين في هذا العلم. فإن أكثر قوانينه ومطالبه من ذلك. وذلك لأنه قال: العمر قصير والصناعة PageVW5P002A طويلة والوقت ضيق. والأمور * المتوصل (15) بها إلى معرفة هذا الفن بعضها خطر، وهي ا لتجربة، * والبعض الآخر (16) عسر شاق، وهو القياس. * وحينئذ (17) فلا بد من استعمال الحدس والتخمين في هذا العلم، ويكون * أكثر (18) قوانينه مبنية على ذلك. ومنهم من قال غرضه بهذا * بيان (19) من كم سبب يخطئ الطبيب في غرضه بالمعالجة. قال وذلك لأنه قال: العمر * قصير أي العمر (20) الإنساني الذي فيه تحصيل مطالبه من هذا العلم قصير، والعلم في نفسه طويل ووقت الاشتغال به ضيق. والأمور * التي (21) تستخرج منها جزئياته بعضها يتضمن الخطر وهو التجربة، والبعض عسر شاق وهو القياس. وهذا الوجه قريب مما ذكره الرازي وعليه ما عليه. ومنهم من قال غرضه به بيان عذره في تصنيف هذا الكتاب على طريق الفصول. وذلك لأن الفصول أضبط للمعنى وأجمع له وألخص في * اللفظ (22) . ولا شك أنه إذا كان عمر المشتغل بهذا العلم قصيرا والعلم في نفسه طويل ووقت الاشتغال به ضيق * والأمور (23) المستنبط بها جزئيات هذا العلم يشتمل على ما ذكرنا، كان ترتيب هذا الكتاب وتصنيفه على ما ذكرناه أجود وأحسن. قلنا: وإن كان هذا وجها حسنا غير أنه ضعيف. وذلك لأن هذا الترتيب والتصنيف لم يختص بهذا الكتاب، بل وبكتاب تقدمة المعرفة والأمراض الحادة وغيرها في باقي تصانيفه. ومنهم من قال غرضه بيان عذره في تصنيف الكتاب أي كأنه يقول إنه لما كان عمر الإنسان قصير والعلم في نفسه طويلا ووقت الاشتغال به ضيق والأمور التي يستخرج بها جزئياته على ما عرفت، كان PageVW1P003A الواجب تدوينه في الكتاب خوفا من ضيعانه وفوات المصلحة فيه. فإنه إذا دون الأول للثاني كتابا وقد أودع فيه جميع ما علمه وانتهت معرفته إليه، أضاف الثاني إليه ما علمه وعرفه. * ولا (24) يزال كذلك * إلى أن انتهى (25) ذلك إلى المتأخر. فتكون * الصنعة (26) قد * ضبطت (27) وحفظت بحسب الإمكان والقدرة. وهذا وجه حسن. ومنهم من قال غرضه بهذا اعتذاره عن تقصير ما ألفه عن استيفاء جملة ما يحتاج إلى وضعه في هذا العلم وعن سبب ذلك. فيكون تقدير الكلام أن عمر الإنسان قصير والصناعة في نفسها طويلة ووقت الاشتغال بها ضيق * والطريق (28) المستنبط بها جزئيات هذه الصناعة البعض منها يتضمن بالخطر والبعض عسر شاق، وإذا كان كذلك، فيكون هذا * المقدار (29) المذكور في هذا الكتاب كافيا فيما يحتاج * إلى حفظه وضبطه (30) . وهذا وجه حسن. ومنهم من قال غرضه بهذا حث الراغبين في * هذا (31) الفن على الاشتغال به والاهتمام بأمره. فكأنه يقول أنه لما كان عمر المشتغل به قصيرا * والعلم في نفسه طويلا ووقت الاشتغال به ضيقا (32) * والطريق (33) المستنبط بها جزئيات * على (34) ما عرفت، كان من الواجب على المشتغل بها الاهتمام * به والقيام بتحصيله وتقريره (35) . وهذا وجه حسن * أيضا (36) . ومنهم من قال غرضه بهذا الامتحان همم المتعلمين والمشتغلين. وذلك لأنه قدم مثل * هذه (37) الأمور الهائلة التي لا يقدم عليها ويشتغل بعلم * هذا (38) صدره إلا من كان عالي الهمة قوي * العزيمة (39) . وهذا وجه حسن.
Page inconnue