إنا بني نهشلٍ لا ندعي لأبٍ ... عنه ولا هو بالأبناء يشرينا
ندعي: نفتعل من الدعوة. وقوله " عنه " تعلق به. ويقال ادعى فلانٌ في بني هاشمٍ، إذا انتسب إليهم؛ وادعى عنهم، إذا عدل بنسبه عنهم. وهذا كما يقال: رغبت في كذا ورغبت عن كذا. وقوله: " لأبٍ " أي من أجل أبٍ ولمكان أبٍ. وانتصاب " بني " على إضمار فعل، كأنه قال: أذكر بني نهشل. وهذا على الاختصاص والمدح. وخبر إن " لا ندعي ". ولو رفع فقال: بنو نهشلٍ، على أن يكون خبر إن لكان لا ندعي في موضع الحال. والفصل بين أن يكون اختصاصًا وبين أن يكون خبرًا صراحًا: هو أنه لو جعله خبرًا لكان قصده إلى تعريف نفسه عند المخاطب، وكان لا يخلو فعله لذلك من خمولٍ فيهم، أو جهلٍ من المخاطب بشأنهم. فإذا جعل اختصاصًا فقد أمن هو الأمرين جميعًا. فقال مفتخرًا: إنا نذكر من لا يخفى شأنه، لا نفعل كذا وكذا. وإنما قلت خبرًا صراحًا، لأن لفظ الخبر قد يستعار لمعنى الاختصاص، لكنه يستدل على المراد منه بقرائنه؛ على هذا قوله:
أنا أبو النجم وشعري شعري
ومعنى البيت: إنا لا نرغب عن أبينا فننتسب إلى غيره، وهو لا يرغب عنا فيتبنى غيرنا ويبيعنا به، لأنه قد رضي كلٌ منا بصاحبه، علمًا بأن الاختيار لا يعدوه لو خير فاختار. ويقال: شريت الشيء بمعنى بعته واشتريته جميعًا، ومنه الشروى، وهو المثل.
إن تبتدر غايةٌ يومًا لمكرمةٍ ... تلق السوابق منا والمصلينا
يقال: بادرته مكان كذا وكذا، وإلى مكان كذا. قال:
فبادرها ولجات الخمر
وكذلك يقال: ابتدرنا الغاية وإلى الغاية. وقوله: " لمكرمةٍ " أي لاكتساب مكرمةٍ. ويجوز أن يكون اللام مضيفةً للغاية إلى المكرمة، كأنه يريد تسابقهم إلى
1 / 77