كأنه تبين منهم أنهم لا يبقون عليه، ولا يرعون ذمامًا له، فلا رعة ولا رقة لديهم، ولا بقيا ولا محافظة عندهم، فصار اعتقاده فيهم كما بان له اعتقادهم. فيه. فلهذا قال ما قال. ويجوز أن يكون المعنى أشرفت نفسي، بسببهم ولتعرضهم وهمهم بانتهاز الفرصة لما أمكنهم، على الهلاك. ويكون هذا من قوله:
ولو أدركنه صفر الوطاب
وفي طريقته قول الآخر:
هرقن بساحوق جفانًا كثيرة ... وأدين أخرى من حقين وحازر
وقال غيره:
يا جفنة كنضيح الحوض قد كفئت ... بثنى صفين يعلو فوقها القتر
ويجوز أن يكون أشار بالوطاب إلى الجسم، أي كاد تفارقه الروح. وهذا كما يقال: الإنسان: زق منفوخ. ويحوز أن تكون الإشارة إلى ظروف العسل التي اشتارها لأنه لما تيقن قصدهم لقتله وتركهم مسامحته صب العسل. على الجبل من الجانب الآخر وركبه متزلقًا عليه، حتى لحق بالسهل. قوله: ويومي ضيق الحجر معور، أي ضيق الناحية ممكن. ويقال في الحجر الحجرة أيضًا. وفي المثل: يربض حجرة ويرتمي وسطًا. ومعور، من أعور لك الشيء، إذا بدت لك عورته، وهي موضع المخافة. قال الله تعالى في الحكاية عن المنافقين لما قعدوا عن نصرة النبي ﷺ: " إن بيوتنا عورة " أي واهية يجب سترها وتحصينها بالرجال، وكما قيل يوم معور قيل مكان معور، أي مخوف. ويقال: عور المكان إذا صار كذلك، وقرئ: " إن بيوتنا عورة ". وقال بعضهم: كل ما طلبته فأمكنك فقد أعورك وأعور لك. ومعنى البيت: أقول لهؤلاء القوم والحال هذا، وهو أني قد جعلت لنفسي طريقًا إلى الخلاص منهم أو أني أشرفت على الهلاك واليوم يوم شديد عسير.
1 / 60