ولم يستشر في أمره غير نفسه ... ولم يرض إلا قائم السيف صاحبا
مثل المصراع الأول قول ابن هرمة:
ولا ينتجي الأدنين فيما يحاول
ويقارب الثاني قول الآخر:
ففي السيف مولى نصره لايحارد
والشاعر يصف استبداده وتفرده عندما يدهمه بما يأتيه فعلًا ورأيًا. وإنما نبه على الرأي بقوله: " لم يستشر "، وعلى الفعل بقوله: " ولم يرض إلا قائم السيف صاحبا ". وانتصب قائم على أنه استثناء مقدم. ألا ترى أن الأصل ولم يرض صاحبًا إلا قائم السيف. ولو أتى على هذا لكان الوجه أن يكون بدلًا، فقدم المستثنى كما ترى.
وقال تأبط شرًا:
إذا المرء لم يحتل وقد جد جده ... أضاع وقاسى أمره وهو مدبر
قوله لم يحتل ذهب بعضهم إلى أن الحيلة مأخوذة من قولهم حال الشيء، أي انقلب عن جهته، كأن صاحبها يريد أن يستنبط ما يحول عند غيره ولذلك قيل: فلان حول قلب. وقوله جد جده أي ازداد جده جدًا. ويكون مثل قوله:
حتى استدق نحولها
المعنى ازداد دقيقها دقة، ويجوز أن يكون المعنى صار غير الجد جدًا بمآله، وهذا كما يقال ريع روعه، وخرجت خوارجه، وجن جنونه، وقال الهذلي:
يدعون حمسًا ولم يرتع لهم فزع
وإنما هو ريع أمنه، وخرجت دواخله، ولم يرتع لهم أمن. فسمى الشيء بما آل إليه. وقوله أضاع يجوز أن يكون معناه وجد أمره ضائعًا، ويجوز أن يكون بمعنى
1 / 57