فالكسرة في الموضعين كسرة إعراب، وإن شئت جعلته معتل الآخر لا منقوصًا كشجٍ وقاضٍ، وجعلته في النية مضافًا، فيكون معرفة وتنوى ضمة البناء في موضع لامه، كما تنويها في الياء من قاضٍ وغازٍ إذا ناديت بهما واحدًا بعينه. وفي على لغاتٌ كثيرةٌ، وله نحوٌ في البناء والإعراب ليس لأخواته من الغايات، وليس هذا موضع شرحه.
قال سعد بن ناشب بن مازن بن عمرو بن تميم:
سأغسل عني العار بالسيف جالبا ... علي قضاء الله ما كان جالبا
القضاء، أصله الحتم والإيجاب، ثم يستعمل في إكمال الصنع والفراغ من الشيء. ولهذا قيل قضي قضاؤك، أي فرغ من أمرك. وفي القرآن: " فقضاهن سبع سموات ". ويروى: " قضاء الله " بالرفع والنصب، فإذا رفعته فإنه يكون فاعلا لجالبًا علي، وما كان جالبًا في موضع مفعوله، ويكون القضاء بمعنى الحكم. والتقدير: سأغسل العار عن نفسي باستعمال السيف في الأعداء، في حال جلب حكم الله على الشيء الذي يجلبه. وإذا نصب القضاء فإنه يكون مفعولًا لجالبًا وفاعله ما كان جالبًا، ويكون القضاء الموت المحتوم والقدر المقدور، كما يقال للمصيد الصيد، وللمخلوق الخلق. والمعنى جالبًا الموت على جالبه. وذكر بعضهم أن " كان " من قوله ما كان جالبًا في معنى صار. قال: ومثله:
بتيهاء قفرٍ والمطي كأنه ... قطا الحزن قد كانت فراخًا بيوضها
لأن المعنى قد صارت.
وأذهل عن داري وأجعل هدمها ... لعرضي من باقي المذمة حاجبا
الذهول: ترك الشيء متناسيًا له ومتسليا عنه، ومنه اشتقاق ذهلٍ. يقول: إذا ضاق المنزل بي حتى يصير دار الهوان انتقلت عنه، وأجعل خرابه وقاية للنفس من
1 / 52