ولا يرعون أكناف الهويني ... إذا حلوا ولا أرض الهدون
يروى: ولا روض الهدون، وهو أفصح. والهدون: الصلح والسكون. وفي الحديث: هدنة على دخن، أي صلح على فساد دخيلة. يصفهم بالميل إلى الشر، والحرص على القتال والقتل، وأنهم يؤثرون جانب الخصومة على الصلح، وناحية الذعر على السكون، فيقول: الخصال السهلة والأمور الهينة، ولا ينزلون منازل الأمن والراحة. والهوينى: تصغير الهونى، و: تأنيث الأهوان. ويجوز أن يكون الهونى فعلى اسمًا مبنيًا من الهينة، وهي السكون. ولا تجعله تأنيث الأهون.
وقال جعفر بن علبة الحارثي:
ألهفى بقرى سحبل حين أحلبت ... علينا الولايا والعدو المباسل
التلهف يكون على الفائت بعد الإشراف عليه، يقولون: وا لهفاه، ووا لهف أماه. ولهف نفسه وأمه إذا قال ذلك. وفي المثل: إلى أمه يلهف اللهفان. وقوله ألهفى يجوز أن يكون منادى مفردا، ويجوز أن يكون مضافًا. فإذا جعلته مضافًا فإن أصله ألهفى أو ألهف. فإذا كان ألهفى فكأنه فر من الكسرة وبعدها ياء إلى الفتحة فانقلبت ألفا. وعلى ذلك يا غلاما أقبل. وقوله:
وهل جزع أن قلت وا بأباهما
وإنما، المعنى بأبى هما، وعلى ذلك طريقتهم في مدارى ومدارى، وعذارى وعذارى، وصحارى وصحارى، وفى بقى بقى، وفى رضى رضى. وإذا كان ألهف يكون الألف قد زيدت لامتداد الصوت به ليكون أدل على التحسر. وكذا إن جعلته ألهف مفردًا يكون الألف زيدت لذلك. ومعنى " أحلبت ": أعانت. وأصله الإعانة في الحلب خاصة، ثم استمرت في الإعانات كلها. وقد يكون الشيء مختصًا في الأصل ثم يصير بالعرف عامًا، كما قد يكون عامًا في الأصل ثم يصير به مختصًا. وروي: " الولايا " وهي جمع الولية، وهي البرذعة، وهي تكون كنايةً عن النساء إن شئت، وعن الضعفاء الذين لا غناء عندهم إن شئت. ويشبه هذا قول أم تأبط شرًا تؤبنه: " وا ابناه ليس بعلفوف، حشي من صوف، تلفه هوف ". وقولهم " هو كالحلس
1 / 36