يكون الماضي متصلا بالحاضر والحاضر متصلا بالمستقبل فالحد الذي يتصل به زمان بزمان يسمونه الآن آخر الزمان الماضي وأول الزمان المستقبل بمنزلة النقطة التي يتصل بها الخطان حتى يصيرا واحدا فتكون النقطة مبدأ لأحد الخطين ومنتهى للخط الآخر والآن في غير هذا الموضع مبنى لتضمنه معنى الإشارة وقيل حذفت منه الألف واللام وضمن معناهما فبنى وزيدت فيه الألف ولام أخرى وبني على حركة لسكون ما قبل آخره وفتح لأن الفتحة أخف الحركات أو لأن الفتحة من الألف وهو من شاذ ما بنى لأن فيه الألف واللام وسبيلهما أن تمكنا ما دخلنا عليه وأصله أو أن فحذفت الألف وقلبت الواو ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها وقيل ألفه منقلبة من ياء تقول آن يئين أينا وأخبرت عن ابن الأنباري أنه قال الآن تفتح نونه وتكسر فمن كسرها قال أصله من الأوان ومن فتحها قال أصله آن لك فدخلت الألف واللام والنون لازم لها الفتح فأما الآن في هذا الموضع فحكمه أن يعرب قرأت على أبي زكرياء عن عال بن عثمان بن جني عن أبيه قال اللام في قولهم الآن حد الزمانين غير اللام في قوله تعالى " قالوا الآن " لأنها في قولهم الآن حد الزمانين بمنزلتها في قولهم الرجل أفضل من المرأة والملك أفضل من الإنسان أي هذا الجنس أفضل من هذا الجنس كذلك الآن إذا رفعه جعله اسم جنس هذا المستعمل في قولك كنت الآن عنده وسمعت الآن كلامه فمعنى هذا كنت في هذا الوقت الحاضر بعضه وقد تصرمت أجزاء منه عنده فهذا معنى غير المعنى في قولهم الآن حد الزمانين فأعرفه وقوله في الحكاية عنهم والخبر ينقسم على تسعة آلاف وكذا وكذا مائة من الو جوه قدوهم وذلك أن المتقدمين اصطلحوا على أن كذا كناية عن العدد فإذا قلت له على كذا وكذا درهما فأقل ذلك أحد عشر درهما لأنه أول عدد ميز بالواحد المنصوب وإذا قلت كذا وكذا درهما فأقله أحد وعشرون وعلى هذا القياس بقية العدد فقوله كذا وكذا مائة أقل ذلك إحدى وعشرون مائة فكأنه قال والخبر ينقسم على تسعة آلاف وإحدى وعشرين مائة فيصير أحد عشر ألفا ومائة وهذا غلط عليهم بعبارة فاسدة لأن العادة لم تجر بأن يقال له على إحدى وعشرون مائة إلا أن يحمل على ما روي عن جابر كنا خمس عشرة مائة وهو نادر. وإن خفض مائة كان لحنا لأنه حكاية عن نيف وعشرين ومميز ذلك منصوب أبدا وجره لحن والصواب أن تقول وكذا مائة بحذف كذا الثانية وخفض مائة على سبيل الحكاية فيكون تقديره ثلاث مائة أو أربع مائة ولعل تكرير كذا وقع من الناقل والله أعلم.
1 / 36