Shajarat Durr
شجرة الدر: قصة تاريخية
Genres
مثلهم قبل أن تبلغ منزلة الإمارة، فما أجدرهم ألا يأنفوا بعد من ماضيهم في الرق إذا كان الرق يؤهلهم إلى الإمارة والملكية؛ بل ما أجدرهم أن يباهوا بمملوكيتهم هذه إذا كانت امرأة من «أسرة المماليك» قد رقيت العرش بجدها وكفايتها، ومن أجل ذلك كان تعصبهم لها وإيثارهم إياها ولزومهم طاعتها والولاء لها.
ولم تنس شجرة الدر حين أجمع الأمراء على توليتها العرش أن نسويتها هي وحدها الحجة التي يمكن أن يحتج بها الذين ينكرون عليها أن تكون ملكة؛ لذلك حرصت من أول يوم على أن تضيف اسمها النسوي إلى اسم آخر لا تنكر عليه التقاليد حق الملكية فصار اسمها منذ وليت العرش: «الملكة أم خليل»؛ فهي ملكة بأنها أم، لا بأنها امرأة؛ وما كثر النساء اللاتي حكمن في التاريخ بأسماء أبنائهن! ولعلها ذكرت وقتئذ ما حدثها به أبو زهرة المنجم منذ بضع عشرة سنة.
3
على أن شجرة الدر وقد نشأت في حجاب الملك الصالح - على تزمته وغيرته - لم تطب نفسها وقد وليت العرش أن تخرج على مألوف عادتها أو تغدر بعهد مولاها، فتبرز إلى الرجال تحدثهم ويحدثونها في شئون الملك والسياسة؛ فآثرت أن تختار من الأمراء من يكفيها ذلك ويرد إليها الأمر ويستمد منها الرأي؛ ولعلها ذكرت وقتئذ ما كان بينها وبين الأمير فخر الدين من حديث قبل أن تخترمه المنية.
4
وقد كان يسعها أن تختار لذلك الأمير حسام الدين بن أبي علي نائب السلطنة في عهد زوجها الملك الصالح، أو الأمير فارس الدين آق طاي مقدم المماليك، أو الأمير ركن الدين بيبرس قاهر الصليبيين، أو الأمير سيف الدين قلاوون ... ولكنها آثرت على كل أولئك الأمير عز الدين أيبك الجاشنكير، واطرحت غيره من أصحاب الجاه والإمارة!
أما حسام الدين فاطرحته لأنها لم تنس له أنه أول من أرسل إلى توران شاه في حصن كيفا ينعى إليه أباه ويدعوه إلى العرش!
وأما آق طاي فلأنه كان شريك حسام الدين في ذلك التدبير!
وأما بيبرس فلأنه أول من شرع السيف في وجه توران شاه فقد ذراعه؛ فإنها لتخشى إن أدنته بعد ذلك أن يقال أنه بتدبيرها قتل مليكه ثم نال الثمن.
وأما قلاوون فإنه صاحب بيبرس وآق طاي.
Page inconnue