ومشى الصبية متباطئين يختلسون النظر في خبث إلى الصبي الكبير الذي أشار إلى البنات متسائلين: هل سيفضي به الأمر إلى حديث قذر؟ ولكن قبل أن يحدث ذلك سمعت فرانسي أخاها يقول: أعرف هذا الصبي، إنه يهودي أبيض.
وكان نيلي قد سمع أباه يقول ذلك عن يهودي يعمل في إحدى الحانات كان يميل إليه، وقال الصبي الكبير: ليس هناك من يسمى باليهودي الأبيض.
وقال نيلي بأسلوبه الذي جمع بين موافقة الآخرين مع الاحتفاظ بآرائه الخاصة مما حبب فيه القلوب: حسنا! لو أن هناك من يسمى باليهودي الأبيض لكان خليقا أن يكونه.
وقال الصبي الكبير: لا يمكن أن يوجد من يسمى باليهودي الأبيض ولو من قبيل الفرض.
ورأوا قبل أن يتعمقوا أكثر من ذلك في علم اللاهوت صبيا آخر، يتجه إلى شارع أينسلي قادما من شارع هامبولت يحمل سلة في ذراعه، وكانت السلة مغطاة بقطعة نظيفة من القماش المهلهل، برزت من أحد أركانها عصا نصب عليها كالعلم الفاتر الحركة، ست فطائر مملحة من فطائر البرتزل، وأصدر الصبي الكبير من زمرة نيلي أمرا فانقض الصبية متكاتفين على بائع فطائر البرتزل، وثبت الصبي في مكانه فاغرا فمه وصاح قائلا: أماه!
وانفتحت نافذة في الطابق الثاني وصاحت منها امرأة، تمسك حول نهديها المسترخيين كيمونو
3
من نوع الكريب الذي يشبه الورق: دعوه وشأنه واتركوا هذا المكان يا أيها الملاعين.
وارتفعت يدا فرانسي لتسدا أذنيها حتى لا تقول للقسيس ساعة الاعتراف، إنها وقفت واستمعت إلى كلمة نابية.
وقال نيلي وعلى وجهه تلك الابتسامة المحببة التي ينال بها دائما رضا أمه: إننا لا نفعل شيئا أيتها السيدة.
Page inconnue