أغمض الشاب عينيه إعياء. تجنب النظر نحو عروسه المنطرحة فوق المقعد. رفع الجثة من الأرض فأرقدها فوق الكنبة وغطى وجهها بخمار كان معقودا حول رقبتها. انتقل إلى فتاته متمتما: كيف حالك؟
فقال بصوت ضعيف: سيقضون علينا قبل أن نقضي عليهم. - من العسير أن يتخيل إنسان ماذا تكون خطوتهم التالية، فهم لا يخضعون لمنطق. - علينا أن نجد حلا سريعا. - وأن نتوقع ما يخطر بالبال وما لا يخطر. - لن يتركونا أحياء.
فقال محتدما بالغضب: إذا لم يكن من الموت بد!
فهمست: هذا جميل؛ ولكننا نفضل ألا نموت. - ولا أحد يريد أن يموت، من رأيي أن تستريحي قليلا في حجرة النوم. - وأنت؟ - لا أكف عن التفكير، وأردد في نفسي بلا انقطاع: إذا لم يكن من الموت بد! - هل يحاكمونك حقا؟ - لن يتورعوا عن شيء. - إنه الكابوس. - وربما قتلوني كما قتلوا المرأة الطيبة. - ترى أهي أمه حقا؟ - لن يغير من الأمر شيئا.
فقالت بإصرار: يجب ألا نموت كالأغنام. - حتى الموت، يجب أن ندافع عن أنفسنا حتى الموت، وأن ندخر لهم ضربة مذهلة إن أمكن. - أريد أن أفعل شيئا ذا بال أكثر من مجرد انتظار نتيجة معركة. - فكري، فكري لحسابك، نحن في موقف لا يجوز لأحدنا فيه أن يدعي وصاية على آخر. - أعترف لك بأنني أتغلب على الخوف بقوة لم تكن متوقعة. - الموقف أكبر من الخوف. - هذا حق. - والحرص على الحياة خليق بأن يضيع الحياة. - قول جميل. - يجب أن تكون لنا القوة لتنفيذه؛ هذه هي مشكلة الأقوال الجميلة. - ألديك خطة جديدة؟ - لا أكف عن التفكير. - وأنا أيضا. - المهم قوة العزيمة إذا وفقنا إلى خطة. - مهما يكن من عواقبها ...
وهي تتنهد: كنت أحلم بشهر عسل بديع. - انبذي الأحلام التي تضعف الهمم. - طيب. - استريحي قليلا في حجرة النوم. - أخشى أن يلاحظوا اختفائي إذا قدموا. - إنهم سكارى، وهم يقصدونني أولا.
قامت. قبلته. مضت إلى حجرة النوم.
ومضت فترة قصيرة ثم دخل الرجل وجوقته. لمعت أعينهم بوهج الخمر وشعت أساريرهم شرا.
وقفوا حيال الشاب على هيئة نصف دائرة مركزها الرجل الغليظ. أشار الرجل إلى الجثة وسأل: من قتل هذه المرأة؟
فأجابت الجوقة في نفس واحد: أنت يا معلم!
Page inconnue