ولو عرضت له في النوم لم ينم
خيبة
أفاق المتنبي من أوهامه، وتيقظ من أحلامه، وعلم أنه أخطأ حين ظن أن الناس يرون فيه ما يرى في نفسه، وأنهم يقدرون منزلته كما يقدرها. أفاق وقد ذهبت أمانيه بددا، وحالت مطامعه رمادا تذروه الرياح، فلم يبق إلا أن يعلق آماله بفاتك، وأن يتجنب الأسود ويعود إلى ما عوده من كبر وأنفة.
أنشأ أبو الطيب قصيدة رائعة في مدح فاتك تلقفها الناس، وسارت بها الرواة، وفهم منها الأدباء أنه يعرض بكافور، ويسخر من وعوده حين يقول:
واجز الأمير الذي نعماه فاجئة
بغير وعد ونعمى الناس أقوال
فربما جزت الإحسان موليه
خريدة من عذارى الحي مكسال
ودخل أبو بكر بن صالح على كافور وقال: إن الناس لا شغل لهم منذ شهر إلا إنشاد قصيدة المتنبي في فاتك، والترنم بأبياتها، وأخشى يا مولانا أن يترك هذا الشعر أثرا في نفوسهم، فقد خلع عليه الخبيث كل صفات النجدة والكرم، ولم يبق للأمير منها شيئا، وقد نفى أن يكون له في المملكة مثيل أو نديد حين قال:
لا يدرك المجد إلا سيد فطن
Page inconnue