ومرت الأيام، وكان أبو الطيب يمر بين الحين والحين بدار ابن رشدين، ويجد من رقة عائشة وأدبها وروعة جمالها ما يملأ قلبه سرورا، وجلس مرة إليها يسمعها قصيدته التي سينشدها كافورا، فلما بلغ قوله:
كم زروة لك في الأعراب خافية
أدهى وقد رقدوا من زورة الذيب
أزورهم وسواد الليل يشفع لي
وأنثني وبياض الصبح يغري بي
نظرت إليه وقالت: متى كانت هذه الزورة يا أبا الطيب؟ فالتفت إليها باسما وقال: هذه زورة الخيال يا سيدتي. فإن رجلي لم تحملني مرة إلى فاحشة، فضحكت وقالت: صدق الله العظيم:
والشعراء يتبعهم الغاوون * ألم تر أنهم في كل واد يهيمون * وأنهم يقولون ما لا يفعلون
ثم انطلق يقرأ حتى إذا بلغ قوله:
ما أوجه الحضر المستحسنات به
كأوجه البدويات الرعابيب
Page inconnue