ان فكرة انكساف الشمس لموت ابن صاحب الرسالة وان كان من شأنها ان تقوي من موقع النبي في قلوب الناس ، وتخدم بالتالي غرضه ، وتساعد على انتشار دعوته ، وتقدمها ، إلا أنه صلى الله عليه وآله وسلم رفض ان يحصل على المزيد من النفوذ في قلوب الناس من هذا الطريق.
على أن محاربة النبي صلى الله عليه وآله وسلم للخرافات والاساطير التي كانت نموذجا بارزا من محاربته للوثنية ، وتأليه المخلوقات وعبادتها ، لم تكن من سيرته في عهد الرسالة بل كان ذلك دأبه في جميع أدوار حياته ، حتى يوم كان صبيا يدرج ، فانه كان يحارب الاوهام والخرافات ، ويعارضها في ذلك السن أيضا .
تقول حليمة السعدية مرضعة النبي صلى الله عليه وآله وسلم : لما تم له ( اي لمحمد ) ثلاث سنين قال لي يوما : « يا أماه ما لي لا أرى أخوي بالنهار »؟
قلت له : يا بني إنهما يرعيان غنيمات ، قال : « فما لي لا أخرج معهما »؟ قلت له : تحب ذلك؟ قال : نعم.
فلما أصبح دهنته وكحلته وعلقت في عنقه خيطا فيه جزع يمانية ( وهي من التمائم الباطلة كانت تعلق على الشخص في أيام الجاهلية لدفع الآفات عنه )، فنزعها ، وقال لي : « مهلا يا اماه فإن معي من يحفظني » (1).
الخرافات في عقائد العرب الجاهلية :
كانت عقائد جميع الامم والشعوب العالمية يوم بزوغ شمس الإسلام ممزوجة بألوان من الخرافات والأساطير.
فالاساطير اليونانية والساسانية كانت تخيم على افكار الشعوب التي كانت تعد في ذلك اليوم من أرقى الشعوب والمجتمعات.
على انه لا تزال خرافات كثيرة تسود وإلى الآن في المجتمعات الشرقية المتقدمة ، ولم تستطع الحضارة الراهنة أن تزيلها من حياة الناس ومعتقداتهم.
Page 70