العزيزة في اثناء الطريق في منطقة تدعى ب « الابواء » (1).
إن هذه الحادثة قد عززت مكانة الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم في عشيرته اكثر فأكثر ، وجعلته يتمتع بمحبة أزيد منهم ، فهو الزهرة الوحيدة من تلك الجنينة المباركة ، كما انه صار منذ ذلك الحين يتمتع بعناية أكبر من قبل جده « عبد المطلب » ولهذا كان يحبه اكثر من أبنائه ، بل ويؤثره عليهم جميعا.
ومن ذلك أنه كان يمد في فناء الكعبة المعظمة بساط لزعيم قريش « عبد المطلب » فيجلس هو عليه ويتحلق حوله وجوه قريش وسادتها وأولاده فإذا وقعت عيناه على بقية عبد الله « محمد » أمر بأن يفرج له حتى يتقدم نحوه ثم يجلسه إلى جنبه على ذلك البساط المخصوص به (2).
ان القرآن الكريم يذكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بفترة يتمه ويقول : « ألم يجدك يتيما فآوى ».
إن الحكمة وراءيتم وليد قريش ليست واضحة لنا تمام الوضوح ، ولكننا نعلم إجمالا بأن سيل هذه الحوادث المؤلمة احيانا ، والمزعجة احيانا اخرى لم يك خاليا عن حكمة معقولة ومصلحة رشيدة ، بيد أننا مع كل هذا يمكن لنا الحدس بأن الله تعالى أراد أن يذوق قائد العالم البشري ومعلمه ، وإمام الإنسانية وهاديها وقبل ان يتسلم مهامه ، ويزاول مسؤولياته العظمى ويبدأ قيادته حلو الحياة ومرها ، ويجرب سراء العيش وضراءه ، حتى تتهيأ لديه تلك الروح الكبرى الصبورة الصامدة ، ويدخر من تلك الحوادث الصعبة تجارب ودروسا ، ويعد نفسه لمواجهة مسلسل الشدائد والمصاعب ، والمشاق والمتاعب التي كانت تنتظره في المستقبل.
وربما أراد الله تعالى أن لا تكون في عنق نبيه طاعة لأحد ، ولهذا انشأه حرا خليا من كل قيد ، منذ الايام الاولى من حياته ، يصنع نفسه بنفسه ويقيض لها موجبات الرشد ، واسباب الرقي ليتضح أن نبوغه ليس نبوغا بشريا عاديا ومألوفا
Page 228