La voix des profondeurs : Lectures et études en philosophie et psychologie
صوت الأعماق: قراءات ودراسات في الفلسفة والنفس
Genres
feed-back mechanisms . وتفيد التغذية الراجعة أن نتيجة التفاعل ترتد إلى الجانب «المستقبل» ليرصدها فيضبط عمله وفقا لها، بحيث يبقى النظام ثابتا أو بحيث يوجه نحو هدف معين. ولعل أبسط أمثلة الهميوستاسيس هو تنظيم درجة الحرارة سواء الذي يتم بالثرموستات المعروف أو الذي يجري في الكائنات ذوات الدم الحار. وهناك عدد كبير من التنظيمات الفسيولوجية والسلوكية يتم ضبطها بآليات التغذية الراجعة، منها ما هو على درجة مذهلة من التركب والتعقيد.
غير أن مبدأ الهميوستاسيس على أهميته في تفسير كثير من التنظيمات النفسية والفسيولوجية، هو مبدأ محدود بحدوده ولا يملك تفسير قطاعات عريضة من أنشطة الكائن الحي. يقول شارلوت بوهلر: «لا يعترف نموذج التحليل النفسي بغير ميل أساسي واحد هو الميل نحو إشباع الحاجة أو خفض التوتر، بينما تجد النظريات البيولوجية الحالية تؤكد «تلقائية» نشاط الكائن، وهي تلقائية ناجمة عن الطاقة الكامنة في صميمه. تفرض هذه التصورات الجديدة مراجعة كاملة لمبدأ الهميوستاسيس القديم الذي حصر كل شيء في الميل نحو التوازن.»
وبصفة عامة، لا يسري نموذج الهميوستاسيس على (1) التنظيمات الدينامية، أي التنظيمات التي لا تقوم على آليات ثابتة بل تحدث داخل نظام يعمل بوصفه «كلا» (مثال ذلك عمليات التنظيم التي تجري بعد أعطاب المخ). (2) الأنشطة التلقائية. (3) العمليات التي لا تهدف إلى خفض التوترات بل إلى تصعيدها وتنميتها. (4) عمليات النمو والتطور والخلق. بإمكاننا أيضا أن نقول بأن مبدأ الهميوستاسيس لا يصلح لتفسير الأنشطة البشرية غير النفعية؛ أي التي لا تلبي حاجات أولية من قبيل البقاء وحفظ الذات وما يلحق بهما. تتجلى هذه الأنشطة غير النفعية في العديد من مظاهر الثقافة. إن تطور النحت اليوناني أو تصوير عصر النهضة أو الموسيقى الألمانية هو أمر لا علاقة له من قريب أو بعيد بالتكيف البيئي أو حفظ الذات؛ لأنه نشاط ذو قيمة رمزية لا قيمة بيولوجية.
وإذا كان لنموذج التوازن الحيوي صلة كبيرة بمجال السيكوباثولوجيا، فذلك لأن الوظائف البشرية التي تتخطى التوازن الحيوي تتدهور دائما لدى المرضى العقليين. هكذا أمكن لكارل ميننجر أن يصف مسار المرض العقلي كسلسلة من الآليات الدفاعية ما تفتأ تهبط إلى مستويات أدنى من التوازن الحيوي إلى أن ينتهي الأمر إلى مجرد حفظ الحياة الفسيولوجية، وهو تصور شبيه بتصور أريتي
Arieti
عن النكوص الغائي المتزايد
progressive teleological regression .
16
التمايز
Differentation
Page inconnue