أقول: إن اعتبار العرض مختلف فيه بين العلماء وكثير من الزيدية لا يعتبرونه، ومن أثبته منهم وهم الأقل يجد الشاهد في أكثر السنة الصحيحة النبوية، فالمتشابه من السنة يشهد له المتشابه من الكتاب كأحاديث الصفات ونحوها، وتأويله كتأويل القرآن على الخلاف في الخوض في التأويل والامرار مع اعتقاد أن الله تعالى ليس كمثله شيء وهذا ظاهر، فأي فائدة للتشنيع والإنصاف أولى وأحسن، على أن البخاري قد ذكر شواهد الأحاديث في باب من آيات القرآن من أوله إلى آخره يعرفه من شارف على الحديث ولم ينزله وراء ظهره، ولكن الناس أعداء ما جهلوه والله أعلم.
وما حاول للجرح من الصحابة كأبي هريرة مره وغيره فلا يلتفت إليه كما أوضحناه في كتاب الأصول، وأما البغاة والخوارج والمنافقون وأهل الردة فأمرهم ظاهر على أن قدر قرر أكثر الزيدية قبول رواية البغاة المتأولة كالإمام المهدي، والإمام يحيى بن حمزة، وغيرهما إن قيل أن الرواية عن البغاة قد ذكر بعضهم أنها رواية عن الدعاة إلى النار، وقد ثبت في حديث أبي سعيد الخدري الذي رواه الترمذي ومسلم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (ويح عمار تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار).
قيل له: الأحاديث مروية من طرق البغاة قليلة إن سلم عدم قبولهم وكيف وطرح الكثير مع أن الصحيح قبول روايتهم كما قرره في الأزهار وذكره المنصور في كتابه صفوة الإختيار وغيره من أئمة الزيدية وسيأتي آخذ هذا مزيد كلام لأقوال العلماء في قبول أخبار المتأولة والبغاة.
وأما حديث من لعنته أو سببته فاجعل ذلك زكاة ورحمه، فالحديث رواه البخاري وغيره، وقد رواه صاحب "الانتصار" الذي صححت جميع ما رواه فيه، فهذه مناقضة إذ هو في الورقة الأولى من الرسالة صحح جميع ما روى صاحب "الانتصار" وأسنده جميعا إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وفي الورقة الثانية قال: هو ضعيف.
Page 30