161

Sarim Munki

الصارم المنكي في الرد على السبكي

Chercheur

عقيل بن محمد بن زيد المقطري اليماني

Maison d'édition

مؤسسة الريان

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

1424 AH

Lieu d'édition

بيروت

القبور، قبور أهل البقيع والشهداء شهداء أحد لكان الصحابة يفعلون ذلك، إما بالدخول إلى حجرته، وإما بالوقوف عند قبره إذا دخلوا المسجد، وهم لم يكونوا يفعلون لا هذا ولا هذا، بل هذا من البدع كما بين ذلك أئمة العلم، وهذا مما ذكره القاضي عياض، وهو الذي قال: زيارة قبره سنة مجمع عليها، وفضيلة مرغب فيها، وهو في هذا الفضل ذكر عن مالك أنه كره أن يقال: زرنا قبر النبي ﷺ، وذكر فيه أيضًا قال مالك في المبسوط وليس يلزم من دخل المسجد أو خرج منه من أهل المدينة الوقوف بالقبر، وإنما ذلك للغرباء، وقال مالك في المبسوط أيضًا، ولا بأس لمن قدم من سفر أو خرج إلى سفر أن يقف على قبر النبي ﷺ فيصلي عليه ويدعو له ولأبي بكر وعمر (١)، قيل له: فإن ناسًا من أهل المدينة يقدمون من سفر ولا يريدون يفعلون ذلك في اليوم مرة أو أكثر، وربما وقفوا في الجمعة أو الأيام المرة والمرتين أو أكثر عند القبر فيسلمون ويدعون ساعة، فقال: لم يبلغني هذا عن أهل الفقه ببلدنا وتركه واسع، ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها، ولم يبلغني عن أول هذه الأمة وصدرها أنهم كانوا يفعلون ذلك، ويكره إلا لمن جاء من سفر أو أراده. فقد بين مالك أنه لم يبلغ عن السلف من الصحابة المقيمين بالمدينة أنهم كانوا يقفون بالقبر عند دخول المسجد إلا لمن قدم من سفر، مع أن الذي يقصد السفر فيه نزاع مذكور في غير هذا الموضع، وقد ذكر القاضي عيا عن أبي الوليد الباجي أنه احتج لما كره مالك فقال: أهل المدينة مقيمون بها لم يقصدوها من أجل القبر والتسليم، وقال: «اللهم لا تجعل قبري وثنًا يعبد، أشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» وقال: «لا تجعلوا قبري عيدًا» (٢) . قلت: فهذا يبين أو وقوف أهل المدينة بالقبر هو الذي يسمى زيارة لقبره من البدع التي لم يفعلها الصحابة، وإن ذلك منهي عنه بقوله: «اللهم لا تجعل قبري وثنًا يعبد اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» وقوله: «لا تتخذوا قبري عيدًا»، وإذا كانت هذه الزيارة مما نهى عنها في الأحاديث، فالصحابة أعلم بنهيه وأطوع له، فلهذا لم يكن بالمدينة منهم من يزور قبره باتفاق العلماء، وهذا الوقوف الذي يسميه غير

(١) قلت هو معتمد على أثر ابن عمر أنه كان يفعل ذلك وسنده صحيح إلى ابن عمر ورواه مالك في الموطأ وتقدم تخريجه صفحة ٦٠ حاشية (٢) (٢) تقدم الكلام عليهما.

1 / 165