قالت جورجيا: «شكرا للمشروبات. وشكرا لك أيضا. أعتقد أننا لا نؤمن أبدا بأننا سنموت.»
فقال رايموند: «ما هذا الكلام؟!» «أعني أننا لا نتصرف أبدا - لا نتصرف أبدا كما لو كنا نؤمن بأننا سنموت.»
فاتسعت ابتسامة رايموند أكثر فأكثر ووضع يده على كتفها قائلا: «كيف ينبغي أن نتصرف إذن؟»
قالت جورجيا: «بطريقة مختلفة.» وشددت على ذاك القول في حماقة، ما يعني أن إجابتها غير مقنعة على الإطلاق بحيث لا يمكنها أن تقدمها إلا على سبيل الدعابة.
احتضنها رايموند، ثم قبلها قبلة طويلة باردة. تعلق بها في شهية شديدة لكنها غير مقنعة، محاكاة هزلية لعاطفة، لن يحاول أي منهما - بالتأكيد - أن يسبر غور نواياها.
لم تفكر في ذلك أثناء سيرها عائدة إلى المدينة عبر الشوارع المفروشة بالأوراق الصفراء، ذات الرائحة والصمت الخريفي، مرورا بكلوفر بوينت، والجرف المتوجة الأجمات المزهرة، والجبال الممتدة على الجهة المقابلة من المياه، جبال شبه الجزيرة الأولمبية، التي تجمعت مثل خلفية صارخة، أو قصاصة من أوراق ذات ألون قوس قزحية. لم تفكر في رايموند ولا مايلز ولا مايا ولا حتى بن.
فكرت في الجلوس في المتجر في الأمسيات، وفي ضوء الشارع والانعكاسات المركبة في النوافذ، وحالة الصفاء غير المتوقعة.
وقت الباروكة
عندما كانت أمها تحتضر في مستشفى والي، عادت أنيتا إلى ديارها للعناية بها، على الرغم من أنها لم تعد تمارس التمريض. أوقفتها ذات يوم في الممر امرأة قصيرة، عريضة المنكبين، عريضة العجز، شعرها مقصوص بني اللون مائل إلى الرمادي.
قالت هذه المرأة، في ضحكة بدت عدائية ومرتبكة في آن واحد: «سمعت أنك كنت هنا، يا أنيتا ... لا تبدين مندهشة هكذا!»
Page inconnue