شعرت جورجيا بلذة انتقامية من جراء قطع علاقتها بمايا. كانت مسرورة بضبطها نفسها في هذا الأمر؛ إذ أعارت مايا أذنا صماء. دهشت حين وجدت نفسها قادرة على التحكم في نفسها هكذا، وإيقاع عقاب شامل هكذا. لقد عاقبت مايا. وعاقبت مايلز - من خلال مايا - قدر ما استطاعت. كان ما يجب عليها عمله - وكانت تعرف ذلك - هو أن تجلد نفسها، وأن تقتلع من داخلها كل أثر لإدمان الملكات التي حازتها هاتان الأعجوبتان الذابلتان؛ مايلز ومايا. كان كلاهما مراوغا براقا، كذابا غاويا مخادعا. إلا أن المرء ليظن أنها بعد كل جلد الذات ذاك، كانت ستعود سريعا إلى زواجها وتغلق عليها أبوابها، وتقدر ما كانت تمتلكه مثلما لم تفعل من قبل.
ولكن ذلك لم يحدث؛ فقد انفصلت عن بن. خلال عام كانت قد رحلت. وكانت طريقتها في الانفصال عنه شاقة وقاسية. فقد أخبرته عن مايلز، وإن حفظت كبرياءها بعدم رواية ذلك الجزء المتعلق بمايلز ومايا. لم تحاول - ولم تشأ - أن تتجنب القسوة. في ليلة انتظارها اتصال مايا، تسللت إلى نفسها روح مضطربة تملؤها المرارة. رأت نفسها في صورة شخص محاط بزيف، ويعيش فيه. فنظرا لعدم ترددها في الخيانة، كان زواجها مزيفا؛ ونظرا لأنها أمعنت في الخروج عن إطاره - بسرعة كبيرة - كان مزيفا. كانت مرتعبة الآن من أن تعيش حياة مثل حياة مايا. وكانت مرتعبة بالقدر ذاته من أن تعيش حياة كحياتها قبل أن يحدث ما حدث. لم يكن بمقدروها إلا أن تدمر. كان ثمة طاقة باردة تعتمل في نفسها وتتفاقم لتدفعها إلى تدمير منزلها.
كانت قد ولجت مع بن - عندما كان كلاهما فتيا - عالما من الرسميات والأمان واللفتات والإخفاء، والتظاهر بالود. وأكثر من مجرد التظاهر بالود، افتعاله. (حدثت نفسها عندما رحلت أنه لم يعد بها حاجة إلى الافتعال.) كانت سعيدة هناك، من وقت إلى آخر. شعرت بتعكر المزاج والاضطراب والحيرة والسعادة. لكنها قالت لنفسها بعنف: أبدا، أبدا، أبدا، لم أكن سعيدة.
يقول الناس ذلك دوما.
يجري الناس تحولات هائلة، لكنها ليست التغييرات التي يتصورونها. •••
بالمثل، عرفت جورجيا أن ندمها حيال الطريقة التي غيرت بها حياتها ندم كاذب، ندم حقيقي وكاذب. وإذ استمعت إلى رايموند، علمت أنه أيا كان ما فعلته، فإنها لن تتوانى عن إعادة الكرة. لن تتوانى عن إعادة الكرة، بافتراض أنها ستظل الشخص الذي كانته.
لم يرد رايموند أن يدع جورجيا ترحل. لم يرد أن يفارقها. وعرض عليها أن يوصلها إلى وسط المدينة. فعندما ترحل، لن يستطيع الحديث عن مايا. لقد أخبرته آن على الأرجح أنها لا ترغب في سماع المزيد عن مايا.
قال لها عند عتبة الباب: «شكرا لمجيئك.» ثم أردف: «هل أنت متأكدة أنك لا ترغبين في أن أوصلك؟ وهل أنت متأكدة أنك لا تستطيعين المكوث حتى العشاء؟»
فذكرته جورجيا مجددا بالحافلة، والعبارة الأخيرة. وقالت: لا، لا، أرغب حقا في المشي. المسافة لا تزيد عن ميلين. وإن الساعات الأخيرة من فترة ما بعد الظهيرة جميلة جدا، وفيكتوريا جميلة. كنت قد نسيت.
فقال رايموند مرة أخرى: «شكرا لمجيئك.»
Page inconnue