Rum
الروم: في سياستهم، وحضارتهم، ودينهم، وثقافتهم، وصلاتهم بالعرب
Genres
عداء مزمن بين الأغنياء والفقراء
وثار العبيد الأرقاء قبل أوغوسطوس أكثر من مرة، ودامت ثورتهم الثالثة بقيادة أسبارتاكوس سنتين (73-71ق.م )، وانتفضوا على سادتهم في صقلية وقتلوهم وأعلنوا استقلالهم عن رومة، ونفر أصحاب الحقول الأحرار في إيطالية وغيرها وأحرقوا المزارع الكبيرة التي أنشأها كبار الملاكين، فكان هذا كله مظهرا للضغائن في الصدور بين الأغنياء والفقراء، ولم ينته صراع العبيد والفقراء بانتصار ليكينيوس كراسوس على أسبارتاكوس،
1
بل استمر متقطعا ما دامت الإمبراطورية الرومانية، ومن هنا قول ماكروبوس الفيلسوف السياسي الذي عاش في القرن الخامس بعد الميلاد: «عبيدنا أعداؤنا.» وكان كلما صرع سيد بيد مجهولة اتهم بقتله أرقاؤه وقاسوا من جراء ذلك شتى ألوان العذاب، وربما فقدوا الحياة.
ولا يخفى أن رومة ميزت في شرائعها بين فصيلتين من الرقيق: أرقاء الأرياف، وأرقاء المدن،
2
وكان هؤلاء يشملون في عدادهم الخدم والحشم والأطباء والأساتذة ورجال الفن والقلم وحاشية الأباطرة وكبار الرجال في السياسة والحرب. ولما كان الجهاز الإداري مربوطا بشخص الإمبراطور؛ فإنه أصبح - منذ عهد كلوديوس - يعج بهؤلاء الأرقاء من رجال الأباطرة، بيد أن الأرقاء لم ينظموا صفوفهم، ولم يكن لديهم - في وقت من الأوقات - برنامج سياسي معين يسعون لتحقيقه، وجل ما بلغوا إليه أنهم كرهوا أسيادهم، وثاروا في وجههم، وتمنوا زوال نعمتهم، وذلك بحركات متفرقة في غالب الأحيان.
تأخر الصناعة والتجارة
وأدى توسع رومة في الشمال والجنوب والشرق والغرب إلى توسع مماثل في أفق أبنائها العاملين في حقلي الصناعة والتجارة، فخرجوا من إيطالية إلى الولايات الجديدة يوظفون أموالهم فيها، وقام من أبناء هذه الولايات نفسها، ولا سيما الشرقية منها، من شاطر هؤلاء عملهم وإنتاجهم، فنشطت الزراعة والصناعة والتجارة في الولايات، وأخذت آسية الصغرى مثلا تصدر ذرتها وخمرها وسمكها المجفف ومنسوجاتها الصوفية وصباغها الأرجواني، وعاد زجاج الساحل اللبناني إلى سابق تفوقه، ومثله كتان هذا الساحل وحريره وصوفه المصبوغ. وعادت الجاليات اللبنانية السورية إلى سابق عهدها في الغرب، توزع بضاعة البلد الأم في إيطالية وصقلية وغالية ووادي الرين وبريطانية، وظهرت نشيطة قوية في تراقية ووادي الدانوب الأسفل وجنوبي روسية، ومع الزمن فقدت إيطالية سيطرتها الاقتصادية التي كانت قد كسبتها في حروب التوسع المتتالية، وإنتاجها الصناعي الذي كانت تنتجه بالكميات الكبيرة قل وتدنى فأصبح في مستهل القرن الثالث بعد الميلاد إنتاجا إفراديا قليلا، وقل الدخل عموما، فقل دخل الدولة، والتجأ الأباطرة إلى غش العملة، فأصبحت هذه في عهد مرقوس أوريليوس مغشوشة بمقدار ربع وزنها، وبعد جيلين فقط لم يبق في النقود الفضية أكثر من خمسة في المائة من زنتها فضة.
انحطاط الجيش
Page inconnue