كما نجد معاصره أبا بكر محمد بن الوليد الطرطوشي المتوفى سنة ٥٢٥ يعتمده في كتابه «الحوادث والبدع» وينقل عنه (٩٤).
وفي نفس الفترة تقريبا نرى القاضي عياض بن موسى اليحصبي المتوفى سنة ٥٤٤ يعتمد الكتاب اعتمادا كليا في تراجم علماء المالكية من أهل افريقية.
وبعد هذا بيسير، وبالضبط سنة ٥٩٨، تطوّر الاهتمام بالكتاب إلى الاختصار فيعمد إلى اختصاره يحيى بن ابراهيم بن علي وهو المختصر الواصل إلينا وسنتحدث عنه بعد قليل.
وآخر من وقفنا عليه من المغاربة ينقل عن رياض النفوس: الحافظ محمد بن أبي بكر بن الابار البلنسي نزيل تونس المتوفى سنة ٦٥٩ وذلك في كتابه الشهير «التكملة لكتاب الصلة» (٩٥).
وإذا انتقلنا إلى المشرق يصادفنا اعتماد الكتاب من طرف عالمين كبيرين أولهما:
احمد بن عبد القادر بن مكتوم القيسي العالم والمؤرّخ المصري المتوفى سنة ٧٤٩ (٩٦) وبعده بقرن أو يزيد نرى الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني ينقل عنه في كتابيه «تهذيب التهذيب» (٩٧) و«لسان الميزان» (٩٨).
وهنا لا يفوتنا أن ننبّه أن صاحبي المعالم-الدباغ وابن ناجي-لم يعتمدا نسخة تامة من الكتاب حتى في صورته الواصلة إلينا، بل إن مقارنتنا للنصوص المنسوبة للمالكي والواردة في المعالم تجعلنا نجزم انهما لم يطلعا إلا على المختصر الذي صنعه يحيى بن ابراهيم بن علي.
وهنا نصل إلى نقطة مهمة جديرة بالتوقف عندها هي: هل ان الواصل إلينا من الرياض هو مختصر للكتاب؟ وهل يمكننا القول بأن الأصول الواصلة إلينا كلها «قد أخذت عن أصل حاول صاحبه أن يختصره فلم يعرف» حسب تعبير الاستاذ مؤنس (٩٩)؟
_________
(٩٤) الحوادث والبدع ص ١١٧.
(٩٥) التكلمة ص ٤٣١، ٧٢ (ط.مدريد ١٨٨٧)، ص ٢٩٧ (ط.مدريد ١٩١٥).
(٩٦) وذلك في اختصاره لإنباه الرواة على أنباه النحاة (الإنباه ٢١١: ٢ (هامش ٢).
(٩٧) تهذيب التهذيب ٨٢: ٦.
(٩٨) ينظر تعليقنا رقم ٩.
(٩٩) الرياض (ط أولى) ٦٤ م.
مقدمة / 27