شرِكًا بماءِ الذَّوبِ تجمعه ... في طَوْدِ أَيْمَنَ من قُرى قَسْرِ
قُرْعُ الرءُوسِ لِصَوتِها جَرَسٌ ... في النبْعِ والكَحْلاءِ والسِّدْرِ
ولِلَيْلِها جَلَبٌ إِذا عَتَمتْ ... وتَبِيتُ عاذبةً كذِي النذْرِ
بَكرتْ تَبَغيَّ الرزقَ في مُسُلٍ ... مخروفَةٍ ومساربٍ خُضْرٍ
لبِثتْ قليلًا ثم خالَفها ... متسربِلٌ أَدَمًا على النحْرِ
صَدَعٌ أُسَيِّدُ من شنوءَةَ مش ... اءُ قتَلْنَ أَباه في الدهر
يمشِي بقِرْبَتِه ومِحْجَنِه ... مُتلطفًا كتَلَطُّفِ الوَبْرِ
يَحْبُو إِذا خافَ القِيامَ على ... رَصَفٍ يَزِلُّ بِأَكرُعِ الغُفْرِ
فسما إِليها في مراتبِها ... فأَتى بسَبْعِ ضَوائنٍ وُفْرِ
فأَصابَ غِرَّتَها ولو علِمتْ ... حَدِبْتْ عليه بِضَيِّق وَعْرِ
وأما دعواك نظام الشعر، فخلة لا تفتقد معها زلة. إذا جاء الروى فضح الغوى. ولو قيل إن القافية لأنها تقفوا الجاهل بها، أي تعيبه، لكان ذلك مذهبًا من القول. والقريض ماشه أم أدراص، ومن سلكها غير خبير فكأنما سقط من ثبير.
نحن معاشر الجبهة أولى بالعرب من كل الحيوان. وفينا ورد جيد الشعر العتيق، وإيانا ذكرت الفرسان السالفة والفصحاء المفتخرة، بالإيثار على العيال: الولد والأم والعرس. قال " الأخطل ":
إِذا ما الخيلُ ضيَّعها أناسٌ ... ربطناها فشاركت العيالا
نُهِينُ لها الطعام إِذا اشتوينا ... ونكسوها البراقعَ والجِلالا
وقال " عنترة " - ويروى لغيره -:
لا تذكري فرَسي وما أَطعمتُه ... فيكونَ جلدُكِ مثلَ جِلْدِ الأَجربِ
َذَبَ العتيقُ وماءُ شَنٍّ باردٍ ... إِن كنتِ سائلتي غبوقًا فاشربي
وقال " أبو داود الإيادي ":
عَلِقَتْ هامتي بعض ما يم ... نَعُ مني الأَعنةَ الأَقدارُ
وانجرادي بهن نحو عدوِّي ... وارتحالي البلادَ والتسيارُ
تلكمُ لذتي إلى يومِ موتي ... إِنَّ موتًا وإِن عمرتُ قُصارُ
وقال " العبدي ":
أَلاَ هَلْ أَتَاها أَنَّ شِكَّة حَازمٍ ... لديَّ وأني قد صنعتُ الشَّموسَا
وداويتُها حتى شَتَتْ حَبشيةً ... كأَنَّ عليها سندسًا وسدوسًا
قصرتُ عليها بالمَقِيطِ لقاحَنا ... رباعية وبازلًا وسدِيسًا
فآضَتْ كتَيْسِ الرَّبْلِ تنزو إِذا نزتْ ... على رَبذاتٍ يبتدرْن خنوسًا
وقال آخر:
ويترك قيسًا وقَيْسٌ له ... عناجيجُ آخِذَةٌ بالنَّفَسْ
يُقرِّبُها دونَ أَبنائه ... ويُلحِفُها بُرْدَه في القَرَسْ
وقال " الضبي ":
نُوَلِّيها الصريحَ إِذا شَتونا ... على علاتِها ونَلِي السَّمارا
وتُمكِنُنا إِذا نحن التقَيْنا ... من الأَذْوادِ نَهْبًا واقتِسارا
وقال " الجعفي ":
باعُوا جوادَهُم لِتسمَنَ أُمُّهم ... ولكي يكونَ على فِراشهمُ فَتَى
لكنْ قعيدةُ بيتِنا مجفُوَّةٌ ... بادٍ جناجنُ صدرِها ولها غِنَى
راحوا بصائرُهم على أَكتافِهم ... وبصيرتي يعدو بها عَتَدٌ وَأي
وقال " طفيل ":
إِني وإِن قلَّ مالي لا يفارقُني ... مِثلُ النعامةِ في أَوصالِه طولُ
تقريبُه المَرَطى، والجَوْزُ معتدلٌ ... كأَنه سُبَدٌ بالماء مغسول
ومثل هذا كثير لا يدرك. وروى أن رسول الله ﷺ، مسح وجه فرسه بثوبه..
نكون حجبًا للطرف، ونشم أرج المعرس، وتنشق أنوفنا دخان الرمث وتنظر عيوننا إلى نار الزحفتين؛ ونشاهد ما تدحوه النعائم لتريكها النضيد، والمكاء يتخذ عشه في اليعضيد؛ ونسمه زمار النعامة وعرار الظليم وترنم القائل إذا جلس في خبائه مع الخريدة؛ وارتجاز المتلبب للقاء الكريهة. ونحن بعد شركاء القوم في الطعام والكسوة ومحل الأجسام.
وليس فينا من يزعم أنه يقدر على موزون القول، وإنما ذلك فضيلة للإنس.
1 / 17