فعزَّاه، حتى أسنداه كأنَّه،
على القرو، علفوفٌ من التُّرك ساند وفيها ذكر الزُّبدة:
فلمّا تجلَّى اللَّيل عنها وأسفرت،
وفي غلس الصُّبح الشُّخوص الأباعد
رمى عينه منها بصفراء جعدةٍ
عليها تعاينه، وعنها تراودٌ فيقول حميدٌ: لقد شغلت عن زبدٍ، وطرد النّافرة من الرُّبد، بما وهب ربَّي الكريم، ولا خوف عليَّ ولا حزن.
ولقد كان الرجل منا يعمل فكره السَّنة أو الأشهر، في الرَّجل قد آتاه الله الشَّرف والمال، فربّما رجع بالخيبة، وإن أعطى فعطاءٌ زهيدٌ، ولكنَّ النّظم فضيلة العرب.
ويعرض لهم لبيد بن ربيعة فيدعوهم إلى منزله بالقيسيَّة، ويقسم عليهم ليذهبنَّ معه، يتمشون قليلًا، فإذا هم بأبياتٍ ثلاثةٍ ليس في الجنَّة نظيرها بهاءً وحسنًا، فيقول لبيدٌ: أتعرف أيُّها الأديب الحلبيٌّ هذه الأبيات؟ فيقول: لا والذي حجَّت القبائل كعبته! فيقول: أمَّا الأول فقولي:
إنّ تقوى ربِّنا خير نفل، ... وبإذن الله ريثى وعجل
وأمّا الثاني فهو قولي:
أحمد الله، فلا ندّ له، ... بيديه الخير، ما شاء فعل
وأمّا الثالث فقولي:
من هداه سبل الخير اهتدى ... ناعم البال، ومن شاء أضلّ
صيَّرها ربِّي اللّطيف الخبير أبياتًا في الجنَة، أسكنها أخرى الأبد وأنعم نعيم المخلَّد.
فيعجب هو وأولئك القوم ويقولون: إنَّ الله قديرٌ على ما أراد.
ويبدو له، أيَّد الله مجده بالتأييد، أن يصنع مأدبةً في الجنان، يجمع فيها من
1 / 63