قلت: إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون! لو أن للأمير أبي المرجّى حازنًا مثلك، لما وصلت أنا ولا غيري إلى قرقوفٍ من خزانته. والقرقوف: الدِّرهم.
والتفت إبراهيم، صلّى الله عليه، فرآني وقد تخلفت عنه، فرجع إليَّ فجذبني جذبة حصَّلني بها في الجنة.
وكان مقامي في الموقف مدَّة ستَّة أشهرٍ من شهور العاجلة، فلذلك بقي عليَّ حفظي ما نزفته الأهوال، ولا نهكه تدقيق الحساب.
فأنكم راعي الإبل؟ فيقولون: هذا. فيسلّم عليه الشيخ ويقول: أرجو أن لا أجدك مثل أصحابك صفرًا حفظك وعربيتك. فيقول: أرجو ذلك، فاسألني ولا تطيلنَّ. فيقول: أحقّ ما روى عنك سيبويه في قصيدتك التي تمدح بها عبد الملك بن مروان من أنَّك تنصب الجماعة في قولك:
أيَّام قومي والجماعة كالّذي ... لزم الرَّحالة أن تميل مميلا
فيقول: حقٌّ ذلك.
حميد بن ثور
وينصرف عنه رشيدًا إلى حميد بن ثور فيقول: إيه يا حميد! لقد أحسنت في قولك.
أرى بصري قد رابني بعد صحَّة، ... وحسبك داءً أن تصح وتسلما
ولن يلبث العصران: يومٌ وليلةٌ ... إذا طلبا، أن يدركا ما تيمما
فكيف بصرك اليوم؟ فيقول: إنَّي لأكون في مغارب الجنَّة، فألمح الصَّديق من أصدقائي وهو بمشارقها، وبيني وبينه مسيرة ألوف أعوامٍ للشمس التي عرفت سرعة مسيرها في العاجلة! فتعالى الله القادر على كلّ بديع.
فيقول: لقد أحسنت في الدالية التي أوَّلها:
جلبانةٌ ورهاء، تخصي حمارها
بفي من بغىخيرًا لديها الجلامد
إزاء معاشٍ لا يزال نطاقها
شديدًا، وفيها سورةٌ، وهي قاعد
1 / 61