فمن يهجو رسول الله منكم ... ويمدحه وينصره؛ سواء
يذهب بعضهم إلى أنَّ من محذوفة من قولك: ويمدحه وينصره، على أن ما بعدها صلة لها. وقال قوم: حذفت على أنَّها نكرة، وجعل ما بعدها وصفًا لها، فأقيمت الصفة مقام مقام الموصوف.
ويقول قائل من القوم: كيف جبنك يا أبا عبد الرَّحمن؟ فيقول: ألي يقال هذا وقومي أشجع العرب؟ ماذا اراد ستَّة منهم أن يميلوا على أهل الموسم بأسيافهم، وأجاروا النبيَّ، ﷺ، على أن يحاربوا معه كلَّ عنودٍ؛ فرمتهم ربيعة ومضر وجميع العرب عن قوس العداوة، وأضمروا لهم ضغن الشَّنآن. وإن ظهر منّي تحرُّز في بعض المواطن، فإنّما ذلك على طريقة الحزم، كما جاء في الكتاب الكريم: ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرِّفًا لقتالٍ أو متحيّزًا إلى فئةٍ، فقد باء بغضبٍ من الله، ومأواه جهنَّم وبئس المصير.
عوران قيس
ويفترق أهل ذلك المجلس، بعد أن أقاموا فيه كعمر الدُّنيا أضعافًا كثيرةً، فبينا هو يطوف في رياض الجنَّة، لقيه خمسة نفرٍ على خمس أينق، فيقول: ما رأيت أحسن من عيونكم في أهل الجنان! فمن انتم خلد عليكم النّعيم؟ فيقولون: نحن عوران قيسٍ: تميم بن مقبلٍ العجلانيّ وعمرو بن أحمر الباهليُّ والشَّمّاخ، معقل بن ضرار، أحد بني ثعلبة بن سعد بن ذبيان، وراعي الإبل، عبيد بن الحصين النُّميريّ، وحميد ابن ثور الهلاليِّ.
قصيدة الشماخ
فيقول للشَّمّاخ بن ضرارٍ: لقد كان في نفسي أشياء من قصيدتك التي على الزاي، وكلمتك التي على الجيم، فأنشدنيهما لا زلت مخلَّدًا كريمًا.
فيقول: لقد شغلني عنهما النَّعيم الدائم فما أذكر منهما بيتًا واحدًا. فيقول لفرط حبّه الأدب وإيثاره تشييد الفضل: لقد غفلت أيُّها
1 / 48