أولئك القيان.
حسان بن ثابت
ويمرُّ حسَّان بن ثابت فقولون: أهلًا أبا عبد الرحمن، ألا تحدَّث معنا ساعة؟ فإذا جلس إليهم قالوا: أين هذه المشروبة من سبيئتك التي ذكرتها في قولك:
كأن سبيئة من بيت رأس ... يكون مزاجها عسل وماء
على أنيابها، أو طعم غضٍّ ... من التُّفاح هصَّره اجتناء
على فيها، إذا ما اللّيل قلَّت ... كواكبه، ومال بها الغطاء
إذا ما الأشربات ذكرن يومًا ... فهنَّ لطيِّب الرَّاح الفداء
ويحك! ما استحييت أن تذكر مثل هذا في مدحتك رسول الله، ﷺ؟ فيقول: إنَّه كان أسحج خلقًا ممَّا تظنُّون، ولم أقل إلا خيرًا، لم أذكر أنِّي شربت خمرًا، ولا ركبت ممّا حظر أمرًا، وإنّما وصفت ريق امرأةٍ، يجوز أن يكون حلًا لي، ويمكن أن أقوله على للظَّنِّ. وقد شفع ﷺ في أبي بصيرٍ بعد ما تهكَّم في مواطن كثيرة، وزعم أنَّه مسترٍ، مفتريًا أو ليس بمفترٍ. وما سمع بأكرم منه ﷺ: لقد أفكت فجلدني مع مسطحٍ ثم وهب لي أخت مارية فولدت لي عبد الرحمن، وهي خالة ولده إبراهيم.
وهو، زين الله الآداب ببقائه، يخطر في ضميره أشياء، يريد أن يذكرها لحسّان وغيره، ثم يخاف أن يكونوا لما طلب غير محسنين، فيضرب عنها إكرامًا للجليس، مثل قول حسّان:
يكون مزاجها عسل وماء
يعرض له أن يقول: كيف قلت يا أبا عبد الرحمن: أيكون مزاجها عسل وماء، أم مزاجها عسلًا وماء، أم مزاجها عسل وماء على الابتداء والخبر؟ وقوله:
1 / 47