ثُمَّ صار أمره إِلَى مَا صار، وقيل: حجم جنيد الحجام دَاوُد الطائي، فأعطاه دِينَارًا، فقيل لَهُ: هَذَا إسراف، فَقَالَ: لا عُبَادَة لمن لا مروءة لَهُ.
وَكَانَ يَقُول بالليل: إلهي، همك عطل عَلَى الهموم الدنيوية وحال بيني وبين الرقاد.
سمعت مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ الصوفي، يَقُول: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يُوسُفَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيد بْن عَمْرو، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حرب الموصلي، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بْن زِيَاد الطائي، قَالَ: قَالَتْ دابة دَاوُد الطائي لَهُ: أما تشتهى الخبز؟ فَقَالَ: بَيْنَ مضغ الخبز وشرب الفتيت قراءة خمسين آية.
ولما توفي دَاوُد رآه بَعْض الصالحين فِي المنام وَهُوَ يعدو فَقَالَ لَهُ: مَالِك؟ فَقَالَ: الساعة تخلصت من السجن فاستيقظ الرجل من منامه، فارتفع الصياح بقول النَّاس مَات دَاوُد الطائي.
وَقَالَ لَهُ رجل: أوصني، فَقَالَ: عسكر الْمَوْت ينتظرونك ودخل بَعْضهم عَلَيْهِ، فرأى جرة ماء انبسطت عَلَيْهَا الشَّمْس، فَقَالَ لَهُ: ألا تحولها إِلَى الظل، فَقَالَ: حِينَ وضعتها لَمْ يكن شمس، وأنا أستحي أَن يراني اللَّه أمشى لما فِيهِ حظ نفسي.
ودخل عَلَيْهِ بَعْضهم فجعل ينظر إِلَيْهِ، فَقَالَ: أما علمت أنهم كَانُوا يكرهون فضول النظر كَمَا يكرهون فضول الْكَلام.
أَخْبَرَنَا عَن عَبْد اللَّهِ بْن يُوسُفَ الأَصْبَهَانِي، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن يَحْيَي المزكي، قَالَ: حَدَّثَنَا قاسم بْن أَحْمَد، قَالَ: سمعت ميمونا الغزال، قَالَ: قَالَ أَبُو الرَّبِيع الواسطي: قُلْت لداود الطائي: أوصني.
قَالَ: صم عَنِ الدنيا، واجعل فطرك الْمَوْت، وفر من النَّاس كفرارك من السبع.
1 / 54