المذهب من اجتهاداتهم كان من خلص الشيعة الذابِّين عن مذهب الآل، وتكون تلك الشهرة مفيدة في الغالب لشيء من منافع الدنيا وفوائدها فلا يزالون قائمين وثائرين في تخطئة أكابر العلماء ورميهم بالنصب ومخالفة أهل البيت، فتسمع ذلك العامة فتظنه حقًّا؛ وتعظِّم ذلك المنكر؛ لأنه قد نفق على عقولها صدق قوله وظنوه من المحامين عن مذهب الأئمة، ولو كشفوا عن الحقيقة لوجدوا ذلك المنكِر هو المخالف لمذهب الأئمة من أهل البيت بل الخارج عن إجماعهم؛ لأنهم جميعًا حرموا التقليد على من بلغ رتبة الاجتهاد وأوجبوا عليه أن يجتهد رأي نفسه، ولم يخصوا ذلك بمسألة دون مسألة، ولكن المتعصب أعمى والمقصر لا يهتدي إلى صواب، ولا يخرج عن معتقده إلَّا إذا كان من ذوي الألباب، مع أنَّ مسألة تحريم التقليد على المجتهد هي محررة في الكتب التي هي مدارس صغار الطلبة فضلًا عن كبارهم بل هي في أول بحث من مباحثها يتلقَّنها الصّبيان وهم في المَكْتَب.
ومن جملة ما اتفق لصاحب الترجمة من الامتحانات أنه لمَّا شاع في العامَّة ما شاع عنه بلغ ذلك أهل جبل برط من ذوي محمَّد وذوي حسين، وهم إذ ذاك جمرة اليمن الذين لا يقوم لهم قائم؛ فاجتمع أكابرهم -ومن أعظم رؤسائهم حسن بن محمَّد العنسي البرطي- وخرجوا على الإِمام المهدي في جيوش عظيمة ووصلت منهم الكتب أنهم خارجون لنصرة المذهب وأنَّ صاحب الترجمة قد كاد يهدمه، وأنَّ الإِمام مساعد له على ذلك، فترسَّل عليهم العلماء الذين لهم خبرة بالحق وأهله ورتبة في العلم فما أفاد ذلك، وآخِر الأمر جعل لهم الإِمام
1 / 11