، والخسيس إذا أشر ، والذليل الجائع إذا عز وشبع ، والسفلي إذا أمر وشط ، والكلب إذا دلل ونشط ، فإن لهذه المعاني مسالك خفية ( 1 ) في إفساد الأخلاق التي تقرب من الاعتدال . وكيف بخلق سوء متكرر في الخساسة والهجنة والرذالة والنذالة واللعنة والمهانة ولله در القائل ( 2 ) : [ إذا أنت أكرمت الكريم ملكته ] . . . وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا ووضع الندى في موضع السيف بالعلا . . . مضر كوضع السيف في موضع الندى وهذا الذي قلنا هو المفهوم من نص الآية دون تزيد ولا انتقاص ولا تبديل لفظ ، والحمد لله رب العالمين كثيرا .
8 - ولكن لو تذكر هذا المائق الجاهل ما يقرأونه في كفرهم البدل وإفكهم المحرف بأخرق تحريف وأنتن معان - حاشا ما خذلهم الله تعالى في تركه على وجهه ليبدي فضائحهم ، فأبقوه تخبيثا من الله تعالى لهم ليكون حجة عليهم ، من ذكر عيسى ومحمد صلى الله عليهما وسلم - في كتابهم الذي يسمونه : ' التوراة ' إذ يقولون فيه في السفر الرابع عن موسى صلى الله عليه وسلم انه قال مخاطبا لله عز وجل ( 3 ) : ' يا رب كما حلفت قائلا : الرب وديع ذو حن عظيم بعفو عن الذنب والسيئة وليس ينسى شيئا من المآثم ، الذي يعاقب بذنب الوالد الولد في الدرجة الثانية والرابعة ' . ويقرأون فيه أيضا في أول السفر الأول ( 4 ) : ' إن قاين ابن آدم عاقبه الله في السابع من ولده ' ثم يقرأون في الكتاب المذكور نفسه في السفر [ 150 و ] الخامس منه : ' إن الله تبارك وتعالى قال لموسى : لا تقتل الآباء لأجل الأبناء ، ولا الأبناء لأجل الآباء ، ألا كل واحد يقتل بذنبه ' - فلو تفكر هذا الجاهل المائق وعظيم التناقض لشغله عظيم مصابه عن أن يظن بقول الله تعالى الذي هو الحق الواضح الواحد غير المختلف : { قل كل من عند الله فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا * ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك } وهذا قد بيناه
Page 45