لكن لما صار النظار يتكلمون في هذا الباب، قالوا: إنه يقال: إنها ذات علم وقدرة، ثم إنهم قطعوا هذا اللفظ عن الإضافة وعرفوه، فقالو: [الذات] . وهي لفظ مُولَّد ليس من لفظ العرب العرباء؛ ولهذا أنكره طائفة من أهل العلم، كأبي الفتح بن برهان، وابن الدهان وغيرهما، وقالوا: ليست هذه اللفظة عربية ورد عليهم آخرون، كالقاضي وابن عقيل وغيرهما.
وفصل الخطاب: أنها ليست من العربية العرباء، بل من المولدة، كلفظ الموجود ولفظ الماهية والكيفية ونحو ذلك، فهذا اللفظ يقتضي وجود صفات تضاف الذات إليها، فيقال: ذات علم وذات قدرة وذات كلام والمعنى كذلك، فإنه لا يمكن وجود شىء قائم بنفسه في الخارج لا يتصف بصفة ثبوتية أصلًا، بل فرض هذا في الخارج كفرض عَرَض يقوم بنفسه لا بغيره.
ففرض عرض قائم بنفسه لا صفة له، كفرض صفة لا تقوم بغيرها، وكلاهما ممتنع، فما هو قائم بنفسه فلا بد له من صفة، وما كان صفة فلابد له من قائم بنفسه متصف به.
ولهذا سلم المنازعون أنهم لا يعلمون قائمًا بنفسه لا صفة له، سواء سموه جوهرًا أو جسمًا أو غير ذلك، ويقولون: وجود جوهر معرى عن جميع الأعراض ممتنع، فمن قدر إمكان موجود قائم بنفسه لا صفة له، فقد قدر ما لا يعلم وجوده في الخارج ولا يعلم إمكانه في الخارج، فكيف إذا علم أنه ممتنع في الخارج عن الذهن.
وكلام نفاة الصفات جميعه يقتضي أن ثبوته ممتنع، وإنما يمكن فرضه
1 / 25