واما الجرح فلما كان موجبا لتفسيق العباد وفضيحتهم والتجنب لهم والتباعد عنهم المنافى لشرع أصل الصحة في الافعال والأقوال ابتغاء للستر عليهم مهما أمكن كان ذلك مقتضيا لشرع عدم قبول قول الواحد دفعة وأولا بل لا بد من التأني حتى ينكشف ما هناك ويتبين الامر كل ذلك محافظة على ذلك الغرض وتلك الحكمة الباعثة لشرع أصل الصحة ولا كذلك الاحكام واخبار الرواة عن الأئمة الاطهار - عليهم السلام - فإنها منتهية إلى الحس والسماع منهم بانقول وشبهه وليس في ذلك خفاء ولا في نقله مفسدة فكان الفرق بذلك تاما بينا (مدفوعة) بانا لا نقبل في العدالة كائنا من كان بل لا بد من الخبير العارف بها وبما يوجبها وما ينافيها اما بتقليد أو اجتهاد وكونها من الأمور الخفية والأشياء الباطنة مسلم ولكن لها اثار حسية تشهد لها كالشجاعة والكرم ونحوهما من الملكات المكشوف عنها بالآثار الظاهرة البينة والا لم تقبل الشهادة بها ولا الاخبار عنها أصلا وكلية وانما قبلت بواسطة اثارها المحسوسة الظاهرة فلا فرق بينها وبين غيرها مما هو محسوس ابتداء مع أن هذا موجب للتفصيل في الموضوعات وهو خلاف المعهود الذي هو التفصيل بين الاحكام والموضوعات اما بين الموضوعات فلا واما حديث التفسيق للعباد فلو كان هذا مانعا من القبول لم يشرع أصل قبول الجرح في الشهادات ولا في الرواة وفى ذلك ابطال للدين وتضييع للحقوق إذ قد يكون المدعى عليه عالما بفسق الشهود وله على ذلك شهود فلو لم ينفتح باب قبول الجرح لضاع حقه ولذا نقول بوجوب إجابة الحاكم لو طلب المدعى عليه الجرح للبينة التي أقيمت عليه وليس له الحكم حتى يأتي بالجارح ثم ينظر وهكذا في الرواة لكثرة الكذابة والدس في الاخبار ومن ذلك جاء الغش في الروايات والأحاديث ولذا أحدث العلامة
Page 29