من المثير أننا نقرأ على الغلاف الخارجي الثاني من الكتاب، كما ينقل د. غيبة، التعريف التالي بالعمل:
(أكلة الأموات: الرواية الجديدة الرهيبة لمؤلف رواية «السطو العظيم على القطار») وهذه أولى الإشارات التي لا تدفع البتة للاطمئنان إلى طبيعة عمل السيد كريكتون، لأنها تصفه (بالرواية) . على أن الدكتور غيبة، كما المؤلف كريكتون نفسه، يودّان إقناع القراء بأن العمل من طبيعة تاريخية موثوقة، لا يرقى إليها الشكّ، وهو ما سنناقشه.
خلاصة الأمر أن الدكتور غيبة مقتنع من خلال قراءته وترجمته لكتاب كريكتون بالأمرين التاليين:
أولا: أن مهمة الكاتب، كريكتون، اقتصرت على جمع أجزاء رسالة ابن فضلان وترجمة بعضها، والتقديم لها والتعقيب عليها، معتمدا في الفصول الثلاثة الأولى على مخطوط ابن فضلان كما هو مترجم من روبيرت ب. بليك Robert P.Blake
وريشاردن. فراي Richard N.Frye ومن ألبرت ستانبورو كوك Albert Burrough Cook.
ثانيا: أن المؤلف كريكتون يعتمد فيما تبقى من عمله على الترجمة النرويجية لرسالة ابن فضلان التي قام بها الأستاذ النرويجي بير فراوس- دولوس الذي جمع ما تناثر من أجزاء الرسالة «٤» بلغات مختلفة ونقلها للنرويجية بين السنوات ١٩٥١ وحتى وفاته ١٩٥٩.
من هنا تبدأ الالتباسات كلها في عمل الدكتور غيبة. فهل الفصول الثلاثة الأولى في عمل كريكتون هي تلك المترجمة عن مخطوط مشهد؟ لا نحر جوابا، رغم أن ظاهر الكلام يوحي بذلك. وإذا كان الحال كذلك فلا بأس عليه وعلينا، فنحن ثانية في صلب عمل ابن فضلان الذي نعرف. أما إذا كان العمل التجميعي- وهو عصب الفصول الأخرى- الذي قام به الباحث النرويجي بير فراوس دولوس هو تلكم
1 / 18