Le premier voyage à la recherche des sources de la mer Blanche: le Nil Blanc
الرحلة الأولى للبحث عن ينابيع البحر الأبيض: النيل الأبيض
Genres
الجمعة 12 القعدة: تحركنا للرحيل صباحا، فرأينا في ناحية الشرق حلتين وفي ناحية الغرب حلة واحدة يحيط بها عدد عظيم من الماشية، وقد أقبل سكان المكان علينا ليهدونا بعض مواشيهم وما كانوا يحملون على رءوسهم من جرار اللبن، وتبعونا ساعتين أو ثلاث ساعات ملحين علينا بقبول هداياهم. وكان تجاه هذه الحلل على شاطئ النهر جملة زوارق، ولما لم تقع أنظارنا على طفل واحد في هذه الجهة سألنا عن السبب، فكان الجواب أننا مبعوثون من عند الله وأنهم لشدة خوفهم على أطفالهم بعثوا بهم إلى مساكن أخرى في جهة الشرق ودفنوا أسلحتهم. وقد وقع نظرنا شرقا وغربا على مثلها.
وفي الساعة الثامنة شهدنا بناحية الغرب على مسافة خطوتين من النهر فيلا منغرزا في الوحل، فقتلناه رميا بالرصاص ثم خرجنا لنقتلع سنيه فلما اقتلعناهما تركناهما في مسكن قريب لأخذهما منه عند العودة. وفي الساعة التاسعة كانت الريح قد سكنت فوقفنا جهة الشرق. والنيل في هذا المكان يحف به البوص والخيزران والأدغال. ولما ولى النهار ألقينا المراسي وسط النهر.
السبت 13 القعدة: زايلنا مكاننا صباحا والسكون سائد، وكان سيرنا في معظم الوقت لشد اللبان. وقد أبصرنا في ناحية الغرب بعض الفيلة وبحيرة كانت طيور مالك الحزين تروح وتغدو على شواطئها. وفي الساعة السادسة هبت الريح من مشرق الشمس، فلاحت لنا في الغرب بحيرة كانت المواشي الكثيرة بجوارها. وفي الساعة الحادية عشرة استكشفنا في جهتي الشرق والغرب جملة من الحلل، والظاهر أن المساكن الواقعة في جهة الشرق كانت قد أحرقت لأننا قد رأينا بها بعض الجثث. ثم دنونا من المساكن التي إلى جهة الغرب لاستقصاء أخبارها، فعلمنا أن أشخاصا من قبيلة الطوطوية جاءوا الليلة الماضية فاستولوا على المواشي بعد أن قتلوا عشرة رجال، وقالوا إن المعتدين أعداء لهم وإنهم وإياهم في قتال مستمر. وضفاف النهر في هذا المكان كثيرة البوص والخيزران والأدغال. ولقد وقفنا عند الغرب في انتظار وصول القوارب المتخلفة فلم تصل إلا في الساعة الحادية عشرة. ولقد ألقينا مراسينا وسط النهر حينما أسدل الليل ستاره.
الأحد 14 القعدة: كان الجو ساعة رحيلنا ذا ضباب، وقد رأينا كردة في طريقنا فاضطررنا إلى جر اللبان، ثم التقينا في طريقنا ببحيرة وست حلل كبيرة كما هو مذكور في الجدول. وفي الساعة السادسة رأينا في جهة الغرب مسكن الشيخ الأكبر لقبيلة بندرله هيال واسمه بوهيور، فجاء هذا الشيخ إلى ذهبيتنا فاستفهمنا منه عن الجبل الذي سبق الكلام عليه وعن أشياء أخر، فأجاب بأن في ناحية الغرب قبيلة لا يزال في قتال متواصل معها بسبب المرعى، فسألناه عن الجبل الذي حدثنا عنه واسمه بندرله هيال هل هو بعيد عن النهر وهل به مناجم للمعادن، فأجاب بأنه على مسيرة يوم من الساحل، وأن بالقسم الغربي من الغابات الكثيرة ما يحول دون الإحاطة التامة بأحواله، أما المعادن فقال إنه لا يعلم شيئا عنها. وكان الشيخ والرجال والنساء يحلون آذانهم وسوقهم بحلقات من الحديد والنحاس، فسألنا الشيخ من أين يأتون بهذين المعدنين، فأجاب من مكان على مسيرة ثلاثة أيام من المساكن، وأنهم يتاجرون ويقايضون على مواشيهم بتلك الحلقات الحديدية والنحاسية التي تصنع هناك، ثم قال إن أهل تلك الجهة يستخرجونهما من مواضع واقعة في الغرب. فسألناه عن المكان الذي ينبع منه النهر وهل إذا كان صحيحا ما يقال من ضرورة التقائنا في الطريق بجبل وسط النهر، فأجاب بأنه لا هو ولا أحد من قبيلته يستطيعان حل هذا اللغز. فسألته عن كيفية الغذاء عندهم، فقال إنه يتألف من الذرة والسمسم والقرع الكبير الحجم وإنهم يزرعون قليلا من التبغ. وقد أخلينا سبيله هو وإخوته ظاهرة عليهم علامات الاغتباط والسرور بما أهديناهم من قليل التحف الزجاجية. وقد اقتدى سكان هذه الأماكن بغيرهم ممن مررنا بهم، أعني أنهم كانوا يجيئون إلى شاطئ النهر جماعات حشيدة ليقدموا إلينا برسم الهدية شيئا من حيواناتهم الأهلية وجرارا من اللبن، وكانوا في بعض الأحيان يقتربون من ساحبي اللبان فيقبضون على الحبال ويتطوعون لسحبها معهم على سبيل المساعدة، وكانت مواشيهم متفرقة في هذه الأمكنة لا يحصى لها عدد، وقد رأيناها ترعى الكلأ والأدغال النابتة على شطوط النهر.
وكان قال النهر في هذا المكان رمليا، وقد رأينا أشجارا كثيرة في ناحية الغرب على مسافة أربعة أميال من النهر، وفي ناحية الشرق قبيل الساعة الحادية عشرة جثة فيل فاقتلعنا منها السنين. وما أسدل الظلام ستاره حتى ألقينا المراسي وسط النهر للمبيت.
الاثنين 15 القعدة: كانت الريح عند رحيلنا في الصباح تهب من الشمال. في منتصف الساعة الثالثة اضطررنا إلى الوقوف لحدوث تلف في دفة الذهبية الثالثة وبوشر إصلاحه. وفي الأثناء سقطت ثلاث زكائب الجنود في الماء فذهبت ضياعا، وكان سقوطها بإهمال عدة أشخاص فعوقبوا طبقا للوائح والقوانين وأضيفت الخسارة إلى حسابهم.
وفي الساعة السابعة استأنفنا السير في ريح مختلفة، فاضطررنا لهذا السبب ولوجود الكردات أمامنا إلى جر اللبان حتى الساعة الحادية عشرة. وقد أقبل علينا بعض سكان هذه الأصقاع وأخذوا يساعدون عساكرنا على شد اللبان، وتقدم سكان الحلل التسع التي شهدناها نحو الشاطئ راجين قبول المواشي التي جاءوا بها على سبيل الهدية، ولقد اقتفوا أثرنا نحو ساعتين أو ثلاث ساعات، ولكننا رفضنا هديتهم فعادوا من حيث أتوا كاسفي البال.
واستكشفنا في الغرب مستنقعا تكاثرت عليه الأطيار من مالك الحزين، وشهدنا غابات كثيرة في هذا المكان. وفي الساعة الحادية عشرة لمحنا حلة جاء أحد سكانها إلينا بسن فيل. والنهر في هذا المكان مغطى إلى مسافة ميلين أو ثلاثة أميال من الساحل بالبوص والخيزران وشهدنا المواشي ترعى هذه النباتات، ووقعت أنظارنا على آثار للحريق في كثير من الأماكن. أما قاع النهر فرملي، وحافاته مجللة بالخيزران والأدغال. وقد ألقينا المراسي وسط النهر بعد مغيب الشمس.
الثلاثاء 16 القعدة: كان الجو ساكنا في الصباح عند رحيلنا، فاضطررنا إلى التقدم تارة بجر اللبان وتارة بالرياح الضعيفة التي كانت تهب من آن إلى آن. وأبصرنا من ناحيتي الشرق والغرب بعشرة مساكن ومستنقع وكان هذا المستنقع إلى جهة الغرب، وقد أقبل سكان هذا المكان اقتداء بغيرهم ليهدونا بهداياهم ويقتفوا أثرنا، وكان بالمساكن التي رأيناها شيء من التبغ والذرة والسمسم وسنين من الفيل اتخذتا كوتدين، وفي هذه اليوم جاءوا بأربع أسنان صغيرة. وفي الساعة الحادية عشرة رسونا في ناحية الغرب، فتقدم شاب في العشرين أو الحادية والعشرين من عمره إلى محمد الترجمان وقال إن في عزمه اقتفاء أثرنا لما هو فيه من الفقر وسوء الحال، فبعد فحصه قررنا أخذه معنا وسترناه بما يلزم من الملابس. أما شواطئ النهر فمكسوة ببقايا الخيزران والأدغال، لأنها إما قد رعتها المواشي وإما قد أحرقتها النار. والنهر في هذا المكان آهل بالتماسيح وأفراس البحر، وقاعه من الرمل، وعرضه نحو الثلاثة الأميال، وعلى الضفة الغربية حطب كثير جدا. ولما جن الليل ألقينا المراسي للمبيت.
الأربعاء 17 القعدة: جيء إلينا في الصباح من الضفتين الشرقية والغربية ببعض الماشية، فوزعت قبل الرحيل على العساكر الذين كانوا في أشد الحاجة إليها، ولما رأى السكان أن هديتهم قبلت عادوا إلى مساكنهم ليأتوا منها بأحسن ما عندهم من الماشية، ثم أخذوا عقب وصولهم يتبعوننا راجين منا قبولها وأخذوا يشدون اللبان مع العساكر. وكانت الضفة الغربية تسكنها قبيلة الهياب (أو الهلياب، أو العلياب)، والضفة الشرقية تسكنها قبيلة البحور، والقبيلتان في قتال مستمر بسبب المرعى. ومع سيرنا نحو الساعتين بقوة الريح، فقد اضطررنا في الغالب إلى التعويل على جر اللبان. وفي الساعة الخامسة شهدنا فرعا للنهر، وظهر لنا أن القاع في هذا المكان رملي وأن الشواطئ كثيرة البوص والخيزران. ومما شوهد بالجهة الشرقية قريبا من النهر أشجار أوروبية وأنواع من أشجار أخرى، وإذ كانت تنقصنا الأدوات اللازمة لجر القوارب باللبان فقد قطعنا جملة من هذه الأشجار، وألقينا المراسي وسط النهر.
Page inconnue