Le premier voyage à la recherche des sources de la mer Blanche: le Nil Blanc
الرحلة الأولى للبحث عن ينابيع البحر الأبيض: النيل الأبيض
Genres
الأربعاء 3 القعدة: برحنا مكاننا عندما أسفر الصبح. ففي الساعة الثالثة رأينا مستنقعا في جهة الغرب. وفي الساعة الخامسة اضطرتنا الكردة إلى الوقوف ساعة، فأقبل علينا أثناءها من سكان الضفتين الشرقية والغربية الجم الغفير وكانوا عزلا من السلاح، وقدموا إلينا ثلاثين بقرة لم نستطع قبولها، وحاولنا إفهامهم بواسطة الترجمان محمد أننا لم نكن الآن في حاجة إليها، ولكنهم لم يقبلوا هذا العذر وأبوا إلا أن يلزمونا بقبولها، فرجونا منهم أن يبقوها عندهم أمانة حتى نعود فنأخذها منهم، فقالوا إنهم سيوافوننا بغيرها عند العودة، ولما يئسوا من قبولنا هديتهم عادوا والحزن ملء قلوبهم.
وفي الساعة السابعة رأينا بناحية الغرب مستنقعا، وكانت الريح ضعيفة جدا فجررنا القوارب ساعة باللبان. وكان الطقس مناسبا والمكان موافقا لأخذ ارتفاع الشمس ففعلنا، وكنا قد رصدناها من قبل عند الزوال. وكانت الأدغال وقصب السكر وأعواد الخيزران متكاثفة الأفنان على الضفتين. وقد رأينا على مسافة أربعة أميال من ناحية الغرب أشجارا كثيرة، فألقينا المراسي في هذا المكان لقضاء الليل.
الخميس 4 القعدة: بكرنا بالرحيل صباحا. وكان ينقصنا حطب الوقود فأخذنا منه حاجتنا من الضفة الغربية، وتقاطر إلينا الكثيرون من سكان الأكواخ الواقعة على هذه الضفة عزلا من السلاح فأهدونا مواشي بادرنا بقبولها. وكما ذكرناه أول الشهر كان الشيخ الذي عاقبناه قد أخطر بوصولنا السواد الأعظم من سكان هذه الأرجاء، فتواردوا في جموع كثيفة إلى ساحل النهر عزلا من السلاح ومعهم المواشي برسم الهدية، وكان الرجال والنساء والأطفال يصلون تباعا رافعين أيديهم نحو السماء يلتمسون منا قبول ما جاءوا به من الماشية والغنم والماعز والكلاب، قائلين إنها عندهم في أكواخهم بمقادير عظيمة جدا. وفي الساعة الثامنة ثقب القارب التاسع وكانت الريح ضعيفة، فاضطررنا إلى سحب القوارب باللبان. وقد شهدنا في ناحية الغرب بعض الغابات ومستنقعين كبيرين وفي ناحية الشرق مستنقعا آخر، واتضح لنا أن قاع النيل في هذه الجهة رملي وأن شواطئه كثيرة الأدغال والخيزران، فألقينا المراسي في وسط النهر للمبيت في هذا المكان.
الجمعة 5 القعدة: في ساعة رحيلنا كان الجو كثير الضباب والريح ضعيفة جدا، فلم نستطع التقدم إلى الأمام. وشهدنا بالضفة الشرقية عددا عظيما من الحلل خرج ساكنوها منها عزلا من السلاح ومعهم عشر بقرات وبعض رءوس من الضأن ليهدوها إلينا، فقبلناها ووزعناها بين الضباط والعسكر. وفي ناحية الشرق شهدنا مستنقعا ثم التقينا بكردة. ورأينا في الساعة العاشرة حلة كبيرة خرج أهلها عزلا من السلاح ومعهم هدية من الماشية، فلم نستطع قبولها منهم. وكان بعض القوارب قد تخلف عنا بسبب الكردات، فوقفنا في انتظارها حتى الساعة الحادية عشرة. ونظرنا على مسافة بعيدة من ناحية الغرب غابات عديدة ومستنقعا، وكانت شواطئ النهر مجللة بالأدغال والخيزران. ولما جن الليل ألقينا المراسي في هذا المكان.
السبت 6 القعدة: كانت الريح في الصباح مختلفة والكردات في الطريق متتابعة، فتعذر السير بالشراع لما فيه من الخطر المؤكد، فاضطررنا إلى سحب القوارب باللبان مدة أربع ساعات وصالا. ورأينا في جهة الشرق قبيل الساعة السادسة صحراء ذات مساكن تحيط بها الحيوانات. ولسرعة التيار في هذا المكان ولاستكشافنا فرعا من النهر أوجد في نفوسنا شيئا من الشك والتردد، عولنا على استقصاء الأخبار للوقوف على الحقيقة، فقيل لنا إن النهر الأكبر هو الذي إلى جهة الغرب وإن هذا الفرع من الماء مشتق من النهر الأصلي ومتجه نحو الغرب. وفي الساعة التاسعة شهدنا يمنة ويسرة مسكنين؛ فالذي إلى جهة اليسار كان متخربا، وبالنظر لتخلف بعض القوارب اضطررنا إلى الوقوف تجاهه، ولقد توفي جندي من عساكر الذهبية الثالثة فقمنا بالواجب نحوه، وبعث إلينا سكان المسكنين بالمواشي ملحفين في الرجاء بقبولها، فسألناهم عن الجبل الذي نقل إلينا بعض الشيء عنه فيما سبق، فلم نستطع الحصول منهم على معلومات مقنعة أو مرضية. وقاع النهر في هذا المكان رملي وشطوطه مملوءة بالأدغال والخيزران، أما شطوطه الغربية فكثيرة الغابات على مسافة خمسة أميال تقريبا من النهر. وقد ألقينا المراسي في وسطه للمبيت.
الأحد 7 القعدة : كان قد اتصل بنا منذ زمن أن الذهبيتين الثالثة والسابعة وقاربين من القوارب قد نفذت المياه إلى داخلها، وأن روائح كريهة ضارة بصحة العساكر كانت تنبعث منها؛ فرأينا أن الأوفق الوقوف في هذا المكان الصالح لإصلاح الذهبيتين والقاربين، واغتنمنا هذه الفرصة لتنظيف الذهبيات والقوارب الأخرى وللعناية بالشئون الصحية ولغسل ملابس الجنود، وقضينا بعد ذلك ساعة في رياضتهم وتدريبهم على الحركات العسكرية.
الاثنين 8 القعدة: لبثنا إلى الساعة التاسعة في إصلاح القاربين التاسع والعاشر وترميمهما، وقد أقبل في الأثناء من جهة الغرب جملة أشخاص ومعهم المواشي برسم الهدية، وكان المدخر منها لمؤنة الجنود قد أشرف أن ينفد، فقبلناها وأعطيناهم في مقابلها بعض الهدايا، ثم باشرنا تدريب العساكر على ضرب النار. وبعد أن فحصنا القوارب وفتشناها رأينا خمسة أو ستة أرادب من الذرة والقمح قد تطرق الفساد إليها.
الثلاثاء 9 ذي القعدة: كان الجو ذا ضباب ساعة تحركنا للرحيل والرياح الجنوبية شديدة الهبوب. ورأينا في الساعة الثانية بناحية الغرب مستنقعا وثلاثة مساكن وبناحية الشرق مساكن غيرها، ولكننا لم ننظر أحدا من البشر. وشهدنا في الساعة الرابعة على مسافة ميل منا غربا مساكن كثيرة يحيط بها جم غفير من الأهلين، وقد توارد هؤلاء على سواحل النهر عزلا من السلاح لمشاهدتنا، ورأينا مستنقعا. ومع أن الرياح بقيت موافقة حتى الساعة السادسة، فقد اضطررنا إلى سحب القوارب باللبان إلى الساعة العاشرة. وفي هذا المكان ينتهي فرع النهر الذي سبق الكلام عليه بتاريخ 6 الجاري، فإذا بفرع آخر يشتق منه في المكان الذي وصلنا إليه، ولكن تيار الماء فيه لم يكن سريعا. وقد أقبل علينا أصحاب المساكن التي رأيناها في الصباح يرجون منا قبول مواشيهم على سبيل الهدية. والنهر في هذا المكان محفوف بالأدغال وقصب السكر والخيزران. وفي الساعة العاشرة ألقينا مراسينا وسط النهر.
الأربعاء 10 القعدة: كان الجو في الصباح ذا ضباب والريح ساكنة، فأخرجنا فريقا من العساكر لشد اللبان وجردنا شرذمة منهم بالسلاح لحماية هذا الفريق، ثم هبت الريح قليلا ولكنها سكنت تماما بعد مسيرة ساعتين. وقد رأينا في جهة الغرب جملة مساكن، ولكنا لم نر أثناء هذا النهار أثرا ما للنباتات. واضطرنا سكون الرياح وشدة التيار إلى الاعتماد على اللبان في سحب السفن، فبلغنا في الساعة العاشرة إلى نهاية فرع النهر الذي وصلنا إلى فمه في الساعة السابعة، فرأينا جملة حلل تقاطر إلينا ساكنوها ومعهم الهدايا من المواشي، فتعذر علينا قبولها لهجوم الليل. وشهدنا غابات كثيفة غربي النهر على مسافة خمسة أميال منه، وكانت ضفتاه في هذا المكان مجللتين بالبوص والأدغال والخيزران. ولما جن الليل ألقينا المراسي وسط النهر.
الخميس 11 القعدة: كان الجو وقت رحيلنا شديد الضباب والريح تهب من الشمال بقوة عظيمة، فرأينا في الغرب والشرق جملة مساكن وبحيرات. ومواشي هذه البقاع عبارة عن كمية وافرة من الثيران والبقرات والغنم والماعز، فأقبل أولئك السكان نحونا عزلا من السلاح يحملون على أكتافهم الغنم والماعز، بينا كان غيرهم يحملون على رءوسهم آنية مملوءة باللبن والسمن، ولقد وصلوا إلى شاطئ النهر ومعهم جملة من البقر، وتبعوا مراكبنا ثلاث ساعات وهم يشيرون إلينا بأيديهم راجين منا قبول هديتهم، فاكتفينا بأخذ قليل من اللبن وبعض الحيوانات التي جاءوا بها، ولكننا لم نقبل شيئا من السمن لرداءة رائحته. وفي الساعة السابعة صفا الجو واعتدلت الريح، فعدلنا عن شد اللبان ووقفنا في هذا المكان.
Page inconnue