ولا حادثة ، وكثيرا ما يترك الناس أوقار دوابهم في قارعة الطريق ، وتبقى أياما وليالي إلى أن يعود أصحابها ، فيأخذوها ولا يجرؤ أحد أن ينظر إليها.
وقيل : إن عدلا من الشعير تركه صاحبه لإعياء مس دابته ، ومضى ينشد دابة أخرى يحمل عليها عدله ، فجاء ، ووجد في العدل ثقب سكين تتساقط منه حبوب الشعير ، فأخبر الشرطة ، فلم يزالوا يبحثون حتى عرفوا ذلك الرجل الذي وجأ العكم بسكينه ، وجلدوه بالسياط ، لأنه حاول أن يعرف ما احتوى عليه ذلك العكم (1)
وكل يوم يؤتى إلى دوائر الشرطة في كل بلدة بأمتعة وأسباب وحوائج وأموال ، منها الكثير ، ومنها القليل ، ومنها الثمين ، ومنها الخسيس ، مما يجده السابلة في الطرق اتفاقا ، فلا تجد أحدا يطمع في شيء ، بعد أن كان الدعارة (2) يذبحون ابن السبيل من أجل حاجة لا تكاد تساوي قطميرا.
فسبحان الذي أدال من تلك الحال لهذه الحال ، وأوقع الرعب في قلوب الدعار ، في السهول والأوعار ، وليس في باب الأمن في ممالك ابن سعود متطلع لمزيد ، وقصارى ما يتمنى الإنسان دوام هذه النعمة.
ومن هذا الباب أن الثارات والدماء كانت بين قبائل العرب متصلة ، والغارات مستمرة ، وأنه إذا وقع دم بين قبيلة وأخرى انقطع كل اتصال بينهما ، وصار ابن إحداهما لا يقدر أن يمر بأرض الأخرى إلا تحت خطر القتل ، وقد سمعت من القبائل التي شافهتها في الحجاز أنها إلى زمن استيلاء ابن سعود كان بعضها لا يقدر أن يدخل منطقة بعض ، ولو
Page 287