هل شهدت نقطة تحول في طفولتك أو نشأتك أو في أية مرحلة من حياتك أدت إلى سعيك لدخول عالم تصميم الأزياء؟
لطالما أبهرني جمال النساء والبهاء الداخلي الذي يمتلكنه. وأنا طفل كنت أذهب دائما للتسوق مع والدتي، وكانت تسمح لي عادة باختيار ملابسها منذ سن مبكرة. أذكر أنها كانت تتعامل مع خياط في حينا، وكان رجلا يتمتع بموهبة ومهارة عاليتين، وكانت تسمح لي باختيار باترونات من مجلة فوج/باتريك لكريستيان ديور وبالمان. ترد على ذهني الآن صور معينة؛ صدرية ديور مربعة ذات لون وردي دافئ من الساتان المطفي، وتنورة مستقيمة منفوشة مع قبعة مستديرة صغيرة، كانت القبعة والصدرية مطرزتين بكريستالات أو ماسات بيضاوية الشكل صغيرة متدلية؛ اعتقدت أن هذا أكثر زي أنيق رأيته في حياتي. أذكر أيضا أن والدتي كان لديها معطف ديور من الساتان الأخضر الزمردي الذي كان في الأساس على شكل نصف دائرة بكمين قصيرين بارزين وياقة كاملة تصل إلى فوق فتحة الصدر. وعندما كانت تتحرك في هذا المعطف، كانت الثنيات تتحرك إلى الخارج في حركة فخمة وملكية. كانت تملك أيضا رداء بالمان مقصوصا بميل من ساتان الدوقة الحريري عاجي اللون، وهو عبارة عن فستان ضيق عديم الأكمام، مائل نحو جانب واحد، وبه كشكشة تصل عاليا إلى الخصر/أسفل الأرداف، وتنتهي بحزام عريض من القماش يشبه حزام زي الكيمونو الياباني التقليدي كجزء من الفستان. صنع هذا الحزام من طبقتين من القماش حتى يظل القماش متماسكا ومحددا بحيث يمكن رؤيته من الأمام. كان العامل الذي جعل فستان الحفلات هذا رائعا للغاية هو أنه كان يعكس المناخ الاجتماعي لعصره؛ إذ طلبت أمي تفصيله من أجل حضور حفل افتتاح أحد الأفلام. تخيل هذا؛ كان النساء والرجال يرتدون ملابس سهرة في حفلات افتتاح الأفلام السينمائية، كان افتتاح فيلم «كليوباترا» لإليزابيث تايلور. لم أكن أحلم قط بأني سأجلس يوما ما مع إليزابيث تايلور على سريرها وأختار معها ملابسها التي ترتديها مع مجموعة حليها المذهلة. لكن كل هذه التصميمات والألوان وافقت عليها بهدوء شديد وبسلطة غامضة تماما. والآن يمكنك القول إنها ربما تكون الجينات الموجودة بداخلي، لكن مرت عدة سنوات قبل اتضاح هذا الأمر.
بينما كنت في المدرسة الثانوية، اكتشفت مجلات الموضة وبدأت أدرس الأزياء أكاديميا؛ اكتشفت أن هناك مصمم أزياء بداخلي، وبدأت أعثر على ما يحفزني للاستمرار في العمل الذي انجذبت إليه، ولم تحدث نقطة تحول كبيرة إلا عندما التحقت بالجامعة . في إحدى المرات، كنت بين كومة مكدسة من الكتب أجري بحثا من أجل مادة علم الجمال في تخصص الفلسفة، وكنت أتصفح عددا من مجلة هاربرز بازار وذهلت؛ فقد اكتشفت صورة على صفحتين لعروس ووصيفتها؛ كانت الصورة مأخوذة لكلتيهما من الخلف، وكانت العروس ترتدي فستانا مصنوعا من قماش الجازار أبيض اللون، والوصيفة ترتدي فستانا مصنوعا من قماش الجازار أسود اللون. كان كلا الثوبين على شكل شبه منحرف، مع وجود ذيل طويل لفستان العروس؛ التقط الصورة المصور ديفيد بايلي، بتوجيه من ديانا فريلاند. لم أجد كلاما يعبر عن شعوري؛ فلم أر قط أي شيء بمثل هذا النقاء وهذا الجمال وهذه المثالية في حياتي كلها. علمت أن هذا فن، واكتشفت أن هذين الفستانين كانا من إبداع وصنع كريستوبال بالنسياجا. وبما أني كنت أرسم في هذا الوقت؛ فقد شعرت بأني تحررت؛ فربطت في ذهني ملابس بالنسياجا بلوحة الرسام الأمريكي روبرت ماذرويل «رثاء للجمهورية الإسبانية»؛ ومن ثم، بدأت رحلتي الفعلية في مجال تصميم الأزياء.
لقد تدربت على يد هالستون. فهلا تصف لي كيف حصلت على هذه الفرصة الرائعة؟
عرفت من كل بحثي في مجال الموضة أنني لا أريد العمل إلا مع هالستون؛ فقد رأيت أنه أعظم مصمم في ذلك الوقت؛ فهو رمز كبير للبساطة والثورية، ابتكر أزياء جديدة بالكامل بعد ستينيات القرن العشرين؛ ومن ثم وضعت خطة للحصول على موعد لإجراء مقابلة عمل. لو تذكرين، يمتلك هالستون مقرا كبيرا بتقاطع شارع 68 وماديسون أفينيو في نيويورك. وكان قسم الصنع حسب الطلب (فقد رفض استخدام مصطلح الأزياء الراقية، نظرا لأننا في أمريكا) يقع في الدور الثالث من مكتبه.
مجموعة شادو رالف روتشي للملابس الجاهزة لربيع/صيف 2012. بلوزة وبنطلون باللون الأبيض ومطرزتان بالخرز مع مئزر من الساتان. تصوير: دان وكورينا ليكا. الصورة بإذن من شركة شادو رالف روتشي.
أخبرت أختي بأننا سنذهب إلى قسم الصنع حسب الطلب وأنها ستطلب شيئا من مجموعته. ظنت أنني فقدت عقلي تماما، ومع ذلك، ذهبنا إلى مكتبه وطلبت سالوبيت (جمبسوت) كشميري عاجي اللون وكيمونو بلون يتناسب معه. كان هذا في عام 1975، وهي ما تزال ترتدي هاتين القطعتين حتى الآن. وبينما كان كل هذا يحدث، طلبت من البائعة أن تحدد لي موعدا لأقابل فيه هالستون؛ صدمت وتعجبت من قوتي وجرأتي الشديدة. وعليه، التحقت بمعهد تكنولوجيا الأزياء، ودرست المواد التقنية اللازمة، وعدت بعد عامين، وحددت لي موعدا لمقابلة هالستون. ربما كنت أتمتع بشجاعة هائلة حينها، لكني أؤكد لك عندما قابلت هالستون لأول مرة كانت أسناني تصطك أمام نظاراته الشمسية التي كانت تعكس صورتي؛ فقد كان هالستون عبقريا. هذا كل ما في الأمر.
مجموعة شادو رالف روتشي للملابس الجاهزة لخريف 2012، بريشة رالف روتشي.
مجموعة شادو رالف روتشي للملابس الجاهزة موسم خريف/شتاء 2012. بلوفر أخضر زيتوني من فراء المنك محيك بغرزة مكشكشة مع بنطلون أبيض من قماش الباراثيا الصوفي. تصوير: دان وكورينا ليكا. الصورة بإذن من شركة شادو رالف روتشي.
ما أكبر تحد واجهك عند طرح مجموعتك الأولى؟
Page inconnue