ذَلِكَ، وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ، وَمَنْ أَبَى أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الإِسْلامِ بَعْدَ أَنْ يَدْعُوَهُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ وَيَعْذِرَ إِلَيْهِ، فَقَدْ أَمَرْتُهُ أَنْ يُقَاتِلَهُ أَشَدَّ الْقِتَالِ، بِنَفْسِهِ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ أَنْصَارِ دِينِ اللَّهِ وَأَعْوَانِهِ، لا يَتْرُك أَحَدًا قَدَرَ عَلَيْهِ إِلا أَحْرَقَهُ بِالنَّارِ إِحْرَاقًا، وَيَسْبِي الذَّرَارِيَّ وَالنِّسَاءَ، وَيَأْخُذَ الأَمْوَالَ، فَقَدْ أَعْذَرَ مَنْ أَنْذَرَ، وَالسَّلامُ عَلَى عِبَادِ اللَّهِ الْمُؤْمِنِينَ، وَلا قُوَّةَ إِلا باللَّه الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ) .
قَالَ: ثُمَّ طَوَى الْكِتَابَ وَخَتَمَهُ، وَدَفَعَهُ إِلَى خَالِدٍ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَعْمَلَ بِمَا فِيهِ.
قَالَ: فَسَارَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ إِلَى أَهْلِ الرِّدَّةِ بِمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ، يُرِيدُ طُلَيْحَةَ بْنَ خُوَيْلِدٍ الأَسَدِيَّ وَأَصْحَابَهُ. قَالَ: وَمَعَ خَالِدٍ يَوْمَئِذٍ جَمَاعَةٌ مِنْ [١١ أ] بَنِي أَسَدٍ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ لَم/ يَرْتَدُّوا، وَكَتَبَ رَجُلٌ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ ضِرَارُ بْنُ الأَزْوَرِ [١] إِلَى بَنِي عَمِّهِ بَنِي أَسَدٍ، بِهَذِهِ الأَبْيَاتِ:
(مِنَ الْمُتَقَارِبِ)
١- بَنِي أَسَدٍ مَا لَكُمْ عَاذِرٌ ... يَرُدُّ عَلَى السَّامِعِ النَّاظِرِ
٢- وَأَعْيَيْتُمُونِي كُلَّ الْعَيَا ... فَتَعْسًا لِجَدِّكُمُ الْغَابِرِ
٣- فَهَلْ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنْ مُخْبِرٍ ... يُخَبِّرُ عَنْ كَاهِنٍ سَاحِرِ
٤- طُلَيْحَةُ أَكَذْبُ مَنْ يَلْمَعُ [٢] ... وَأَشْأَمُ فِي الشُّؤْمِ مِنْ قاشر [٣]
_________
[١] ضرار بن مالك (الأزور) بن أوس بن خزيمة الأسدي، أحد الأبطال في الجاهلية والإسلام، كان شاعرا مطبوعا، له صحبة، وهو الذي قتل مالك بن نويرة بأمر خالد بن الوليد، وقاتل يوم اليمامة أشد قتال حتى قطعت ساقاه، فجعل يحبو على ركبته ويقاتل والخيل تطأه، ومات بعد أيام من اليمامة سنة ١١ هـ-، وقيل قتل في أجنادين في خلافة أبي بكر، وقيل في خلافة عمر.
(الإصابة ٣/ ٤٨١- ٤٨٣، الاستيعاب ٢/ ٧٤٨- ٧٤٩، تهذيب ابن عساكر ٧/ ٣٠، خزانة الأدب ٢/ ٨، الأعلام ٣/ ٢١٦) .
[٢] أكذب من يلمع: هذا مثل، واليلمع السراب، والبرق الذي لا يمطر سحابه، يضرب للكذوب، قال الشاعر:
إذا ما شكوت الحبّ كيما تثيبني ... بودّي قالت: إنّما أنت يلمع
(انظر المثل في: مجمع الأمثال ٢/ ١٦٧، جمهرة الأمثال ٢/ ١٧١، المستقصى ١/ ٢٩٣، اللسان: لمع، معجم الأمثال ١/ ١٧٧) .
[٣] أشأم من قاشر: هذا مثل، وقاشر فحل كان لبني عوافة بن سعد بن تميم، استطرقوه رجاء
1 / 72