============================================================
ثم قال يا ابا عامر إذا فارقت روحى جسدى فغسلنى وكفنى فى جبتى هذه فقلت ياحبيبى ولم لا اكفنلث فى ثياب جديدة فقال الحى أحوج إلى الجديد من الميت الثياب تبلى والعمل يبقى وخذ زنبيلى ومثزرى فادفعهما للحفار وخذ هذا المصحف والخاتم وامض بهما إلى أمير المؤمنين هارون الرشيد ولا تدفعهما إلا من يدك إلى يده وقل له يا أمسير المؤمنين مسعى وديعة من غلام غريب وهو يقول لك لاتموتن على غفلتك هذه او قال على غرتك هذه ثم خرجت روحه رضي الله عنه فعلمت انه ولد الخليفة وعملت بجميع ما أوصانى به وأخذت المصحف والخاتم ودخلت بغداد وقصدت قصر الخليفة هارون الرشيد ووقفت على موضع مشرف فخرج موكب عظيم فيه تقدير الف فارس ثم تبعه عشرة مواكب فى كل موكب ألف فارس وخرج آمير المؤمنين فى الموكب العاشر فناديت بقرابتك من رسول الله لة يا أمير المؤمنين إلا ما وقفت لى قليلا فلما رآنى قلت يا أمير المؤمنين معى وديمة من غلام غريب ثم دفعت اليه المصحف والخاتم وقلت له هذا ما أوصانى به فنكس راسه وأسبل دمعته وأوصى على بعض الحجاب وقال ليكن هذا عندك إلى أن أسألك عنه فلما رجع هو وأصحابه امر بالستور فرفعت ثم قال للحاجب هات الرجل وإن كان يجدد على أحزانى فقال لى الحاجب يا أبا عامر إن أمير المؤمنين محزون مهموم فإذا أردت ان تكلمه عشر كلمات قاجعلها خمسا فقلت تعم ودخلت عليه فإذا مجلسه خال فلما رآنى قال ادن منى يا أبا عامر فدتوت منه فقال اتعرف ولدى قلت نعم فى اى شيء كان يعمل قلت فى الطين والحجارة قال أستعملته انت قلت نعم فقال استعملته وله اتصال برسول الله فقلت المعدرة لله تعالى ثم إليك يا أمير المؤمنين فإنى ما علمت من هذا إلا عند وفاته قال أنت غسلته بيدك قلت نعم قال هات يدك فأخذها ووضعها على صدره وهو يقول بأبى كيف كفنت العزيز الغريب ثم انشأ يقول : باغر يبا عليه قلبى يذوب ولمينى عليه دمع سك وب بابعيد المكان حزنى قريب كدر الموت كل عيش يطيب .
كان بدرا على قضيب لجين فهوى البدر فى الثرى والقضيب قال ثم تجهز وخرج إلى البصرة وأنا معه حتى انتهى إلى القبر فلما رآه غشى عليه قلما أفاق آنشد هذه الأبيات: غائبا لا بئوب من سفره عاجله موته على صفره ياقرة العين كنت لى أنسا فى طول ليلى نعم وفى قصره
Page 54