قال أحمد: يقول: اجعل هذه الأشياء، يعنى بها الأحجار والزاجات، مما توقى بها الشىء المدبر. المثال: إن الشىء المدبر لا يخلو من تعرضه للحار اليابس والبارد الرطب وغير ذلك من الأركان، لأنك غير مستغن عن ذلك فى أبواب التحليل والتفريق. فجعل هذه الأشياء مجاورة للشىء وقت العمل ليشتغل الركن بمضادتها، فلا يسرع فى فساد الشىء. فإذا انقضى التدبير عملت فيما ينقيها منه، أعنى الأحجار والعقاقير عن الشىء المدبر.
قال أفلاطون: والبيض مجتمع — إلى أن قال: فهو حيوان بكليته.
قال أحمد: إن بعض تدبيرات الشىء كتدبير حضان الطير. فالبيض قد جمع قوى الحيوانية، ويصير فى التدبير كالحيوان الكامل.
قال أفلاطون: وكما اجتمع فيه القوى، كذلك اجتمع فيه التفاوت والتضاد.
قال أحمد: لما صار كالحيوان الكامل، وجب أن يكون كذلك لأن الحيوان كما اجتمع فيه القوى، كذلك اجتمع فيه التضاد والتفاوت.
قال أفلاطون: وهو فى أول العمل قوى، وفى وسطه رخو.
قال أحمد: إن الامتحان والتجربة توقفك أن البيض صبور فى أول العمل، وذلك أنه مجتمع القوة. فإذا أخذ فى التحليل والتفريق، الذى سماه الفيلسوف وسط العمل، فإنه هناك يظهر فيه ضعف، لأن أجزاءه تسرع فى التفريق لما قد أخبرت أنه قد حوى أيضا للتفاوت.
قال أفلاطون: وقد أخبرت بما لا يخلو المكان من أخذه — إلى أن قال: فإن أردت فاستدل.
قال أحمد: إن ما أخبر به الفيلسوف من هذه الأعضاء والأجساد لا يخلو بلد من البلدان 〈من أن〉 يوجد فيه أحدها. فأراد الفيلسوف أن يقتصر على ما أخبر ولا يشغل نفسه بتسمية كل شىء مفردا، لا سيما وقد أخبر بجنسه. ويقول بعد ذلك: إن أردت استعمال ما لم ينص عليه فاستدل بما قد نص على طبعه وشكله.
Page 146