من حاول الأمور احتاج فيها إلى ست: الرأي، والتوفيق، والفرصة، والأعوان، والأدب، والاجتهاد، وهن أزواج؛ فالرأي والأدب زوج، لا يكمل الأدب إلا بالرأي، ولا يكمل الرأي بغير الأدب.
والأعوان والفرصة زوج؛ لا تنفع الأعوان إلا عند الفرصة، ولا تنفع الفرصة إلا بحضور الأعوان، والتوفيق والاجتهاد زوج، فالاجتهاد سبب التوفيق؛ وبالتوفيق ينجح الاجتهاد.
يسلم العاقل من عظام الذنوب والعيوب بالقناعة ومحاسبة النفس.
لا تجد العاقل يحدث من يخاف تكذيبه، ولا يسأل من يخاف منعه، ولا يعد ما لا يجد إنجازه، ولا يرجو ما يعنف برجائه، ولا يقدم على ما يخاف العجز عنه.
وهو يسخي نفسه عما يغبط به القوالون خروجا من عيب التكذيب، ويسخي نفسه عما ينال به السائلون سلامته من مذلة المسألة، ويسخي نفسه عن فرح الرجاء خوف الإكداء، ويسخي نفسه عن محمدة المواعد براءة من مذمة الخلف، ويسخي نفسه عن مراتب المقدمين ما يرى من فضائح المقصرين.
لا عقل لمن أغفله عن آخرته ما يجده من لذة دنياه. وليس من العقل أن يحرمه حظه من الدنيا بصره بزوالها.
حاز الخير رجلان سعيد ومرجو: فالسعيد الفالج، والمرجو من لم يخصم، والفالج الصالح ما دام في قيد الحياة، وتعرض الفتن في مخاصمة الخصماء من الأهواء والأعداء.
السعيد يرغبه الله في الآخرة؛ حتى يقول لا شيء غيرها، فإذا هضم دنياه وزهد فيها لآخرته، لم يحرمه الله بذلك نصيبه من الدنيا، ولم ينقصه من سروره فيها، والشقي يرغبه الشيطان في الدنيا حتى يقول: لا شيء غيرها، فيعجل الله له التنغيص في الدنيا التي آثر، مع الخزي الذي يلقى بعدها.
الرجال أربعة: جواد، وبخيل، ومسرف، ومقتصد؛ فالجواد الذي يوجه نصيب آخرته ونصيب دنياه جميعا في أمر آخرته.
والبخيل الذي لا يعطي واحدة منهما نصيبها، والمسرف الذي يجمعهما لدنياه، والمقتصد الذي يلحق بكل واحدة منهما نصيبها.
Page inconnue