Épîtres des Frères de la Pureté

Ikhwân al-Safâ d. 375 AH
37

Épîtres des Frères de la Pureté

رسائل اخوان الصفاء و خلان الوفاء

Genres

(12) فصل في بيان كيفية سعادات الكائنات ومناحسها

اعلم أن الفلك المحيط دائم الدوران كالدولاب من المشرق إلى المغرب ومن المغرب إلى المشرق، والكواكب أيضا هكذا دائمة، وأن الحركات على توالي البروج كما هو بين في الزيجات والتقاويم، وهكذا أيضا الكائنات دائمة في الكون والفساد متصلة لا تنقطع ليلا ولا نهارا ولا شتاء ولا صيفا، ولكن إذا اتفق في وقت من الزمان أن تكون الكواكب السيارة في أوجاتها أو إشرافها أو بيوتها أو حدودها أو يكون بعضها من بعض على النسبة الفضلى التي تسمى النسبة الموسيقية، وهي النصف والثلث والربع والثمن، سرت تلك القوى عند ذلك من النفس الكلية ووصلت بتوسط تلك الكواكب إلى هذا العالم السفلي الذي هو دون فلك القمر وحدث بذلك السبب الكائنات على أعدل مزاج وأصبح طبائع وأجود نظام ونشأت ونمت وتمت وكملت وبلغت إلى أقصى مدى غاياتها وتمام نهاياتها التي هي قاصدة نحوها، وتسمى تلك الأحوال والأوصاف وما يتكون عنها سعادة وخيرات، وإذا اتفق أن يكون شكل الفلك ومواضع الكواكب على ضد ذلك كان أمر الكائنات بالضد أيضا، وتناقصت من بلوغ غاياتها وتمام نهاياتها، وسميت تلك مناحس الفلك وسبب الشرور ولا يكون ذلك بالقصد الأول، ولكن بأسباب عارضة كما بينا في رسالة الآراء والمذاهب في باب علل الشرور وأسبابها، فاعرفها من هناك - إن شاء الله وحده.

(13) فصل في علة اختلاف تأثيرات الكواكب في الكائنات الفاسدات التي دون فلك القمر

اعلم يا أخي، أيدك الله وإيانا بروح منه، أن إشراق الكواكب على الهواء ومطارح شعاعاتها على مركز الأرض على سنن واحد، ولكن قبول القابلات لها ليس بواحد، بل مختلف بحسب اختلاف جواهرها.

مثال ذلك أن الشمس إذا أشرقت من الأفق أضاءت الهواء من نورها، وسخن وجه الأرض من انعكاس شعاعاتها - كما بينا في رسالة الآثار العلوية - وجف الطين، وذاب الثلج، ولان الشمع، ونضج الثمر، ونتن اللحم، وابيضت ثياب القصارين، واسودت وجوههم، وانعكس الشعاع من السطوح الصقيلة الوجوه كوجه المرايا، وسرى الضوء في الأجسام الشفافة كالزجاج والبلور والمياه الصافية، وقويت أبصار أكثر الحيوانات، وضعفت أبصار بعضها كالبوم والخفافيش وبنات وردان وما شاكلها من الحيوانات، فيكون اختلاف تلك التأثيرات في هذه الأشياء بحسب اختلاف جواهرها وتركيبها ومزاجها وقبولها، وإلا فالإشراق واحد، وعلى هذا المثال اختلاف قبولها لتأثيرات سائر الكواكب في المواليد وتحاويل السنين.

ومثال آخر، إذا اتفق للفلك شكل محمود من سعادة أحوال الكواكب في وقت من أوقات الأزمان، ويولد في ذلك الوقت عدة مواليد من أجناس الحيوانات ومواليد الناس، ولكن يكون بعضهم من أولاد الملوك والرؤساء، وبعضهم من أولاد التجار والدهاقين وأرباب النعم، وبعضهم من أولاد الفقراء والمساكين والمكدين فلا يكون قبولهم لسعادة الفلك على سنن واحد، بل كل واحد منهم بحسب مرتبته، وذلك أن أولاد المكدين إذا حسنت أحوالهم من السعادة فهو أن يبلغوا مرتبة أولاد التجار وأرباب النعم وأوساط الناس، وإذا حسن أولاد التجار، فهو أن يبلغوا مرتبة أولاد الملوك، وأولاد الملوك إذا قبلوا سعادة الفلك ارتقوا وبلغوا سرير الملك والسلطان، وإن نحسوا قصر بهم عن ذلك، وكذلك كل واحد من أولئك الذين تقدم ذكرهم ينحط من درجة إلى ما دونها في المرتبة.

ومثال آخر، أنه اتفق عدة مواليد في طالع واحد ووقت واحد في بلدان مختلفة، وشكل الفلك يدل على أن يكونوا شعراء خطباء، غير أن بعضهم في بلاد العرب، وبعضهم في بلاد النبط، وبعضهم في بلاد الأرمن، فقبولهم يختلف لأن العربي أسرع قبولا لخاصية بلده، والنبطي دون ذلك، والأرمني دونه، وعلى هذا المثال والقياس تختلف تأثيرات الكواكب في الكائنات. وقد ذكرت علل ذلك في كتب الأحكام بشرح طويل، فاعرفه من هناك.

واعلم يا أخي، أيدك الله وإيانا بروح منه، بأن لهذه الكواكب السيارة في أفلاكها المختصة بها حالات مختلفة.

فمن ذلك: السرعة في السير والإبطاء في الحركة والوقوف والاستقامة والرجوع والارتفاع في الأوجات والانحطاط إلى الحضيض والكون في الميل والذهاب في العرض والبلوغ إلى الجوزهر وما يشاكل ذلك من الأوصاف المختلفة، ولها أيضا في هذه البروج أقسام وأنصبة كالبيوت والوبال والشرف والهبوط والمثلثات والحدود والنوبهرات وما شاكل ذلك، ولها أيضا مناظرات بعضها إلى بعض، واتصالات ومقارنات وانصرافات واحترافات وتشريق وتغريب، والكون في الأوتاد أو ما يليها أو الزوال عنها وما شاكل هذه الأوصاف المذكورة في كتب الأحكام بشرح طويل، وقد ذكرنا طرفا من هذه الأوصاف فيما تقدم من هذه الرسالة.

واعلم يا أخي أن هذه الكواكب السيارة تسير في موازاة هذه البروج بحركاتها المختلفة، فربما اجتمع اثنان منها في برج واحد أو ثلاثة أو أربعة أو خمسة أو ستة أو كلها، وذلك في الندرة في الأزمان الطوال، وأما في أكثر الأوقات فتكون متفرقة في البروج ودرجاتها، وتعرف مواضعها من البروج والدرج والدقائق من التقاويم والزيجات في أي وقت وأي زمان شئت.

Page inconnue