Épîtres des Frères de la Pureté
رسائل اخوان الصفاء و خلان الوفاء
Genres
فأما الألفاظ العشرة التي تتضمن معاني الموجودات كلها؛ فهي قولهم: الجوهر والكم والكيف والمضاف والأين ومتى والنصبة «الوضع» والملكة ويفعل وينفعل.
(1) فصل في أن كل لفظة من هذه الألفاظ اسم لجنس من الأشياء الموجودة
واعلم يا أخي بأن كل لفظة من هذه الألفاظ اسم لجنس من الأشياء الموجودة، وكل جنس ينقسم إلى عدة أنواع، وكل نوع إلى أنواع أخر، وهكذا دائما إلى أن تنتهي القسمة إلى الأشخاص - كما سنبين بعد.
واعلم يا أخي بأن الحكماء لما نظروا إلى الموجودات؛ فأول ما رأوا الأشخاص مثل زيد وعمرو وخالد، ثم تفكروا فيمن لم يروه من الناس الماضين والغابرين جميعا؛ فعلموا أن كلهم تشملهم الصورة الإنسانية وإن اختلفوا في صفاتهم من الطول والقصر والسواد والبياض والسمرة والزرقة والشهلة والفطسة والقنوة وما شاكلها من الصفات التي يمتاز بها بعضهم من بعض، فقالوا كلهم: إنسان وسموا الإنسان نوعا؛ لأنه جملة الأشخاص المتفقة في الصور المختلفة بالأعراض.
ثم رأوا شخصا آخر مثل حمار زيد وأتان عمرو وجحش خالد؛ فعلموا أن الصورة الحمارية تشملها كلها فسموها أيضا نوعا، ثم رأوا فرس زيد وحصان عمر ومهر خالد فعلموا أن صورة الفرسية تشملها كلها فسموها أيضا نوعا، وعلى هذا القياس سائر أشخاص الحيوانات من الأنعام والسباع والطير وحيوان الماء ودواب البر، كل جماعة منها تشملها صورة واحدة سموها نوعا.
ثم تفكروا في جميعها فعلموا أن الحياة تشملها كلها فسموها الحيوان، ولقبوها الجنس الشامل لجماعات مختلفة الصور وهي أنواع له، ثم نظروا إلى أشخاص أخر كالنبات والشجر وأنواعها، فعلموا أن النمو والغذاء يشملها كلها، فسموها النامي، فقالوا: هي جنس، والحيوان والنبات نوعان له.
ثم رأوا أشياء أخر مثل الحجر والماء والنار والهواء والكواكب، وعلموا بأنها كلها أجسام فسموها جنسا، وعلموا بأن الجسم من حيث هو جسم لا يتحرك ولا يعقل ولا يحس ولا يعلم شيئا، ثم وجدوه متحركا منفعلا ومصنوعا فيه الأشكال والصور والنقوش والأصباغ فعلموا أن مع كل الجسم جوهرا آخر هو الفاعل في الأجسام هذه الأفعال والآثار فسموه روحانيا.
ثم جمعوا هذه كلها في لفظة واحدة وهي قولهم: جوهر، فصار الجوهر جنسا والروحاني والجسماني نوعان له، والجسم جنس لما تحته من النامي والجماد، وهما نوعان له، والنامي جنس لما تحته من الحيوان والنبات، وهما نوعان له، والحيوان جنس لما تحته من الناس، والطير التي هي سكان الهواء، والسابح التي هي سكان الماء، والمشاء التي هي سكان البر، والهوام التي هي سكان التراب، وهي كلها أنواع الحيوان وهو جنس لها.
فالإنسان نوع الأنواع والجوهر جنس الأجناس، والجسم والنامي والحيوان نوع من جنس المضاف؛ لأنها إذا أضيفت إلى ما تحتها سميت أجناسا لها، وإذا أضيفت إلى ما فوقها سميت أنواعا لها، فهذا وجيز من القول في معاني أحد المقولات العشر التي هي الجوهر وأقسامه وأنواعه وأشخاصه وليس له حد، ولكن رسمه أنه القائم بنفسه القابل للأعراض المتضادة.
ولما رأوا من الجوهر ما يقال له: ثلاث أذرع وأربعة أرطال وخمسة مكاييل وما شاكلها؛ جمعوا هذه وسموها جنس الكم، وهي كلها أعراض في الجوهر.
Page inconnue