قال «هيا بنا» وتحولا ولم ينتبه لهما أحد لاشتغال الناس بالمبايعة.
وعاد توا إلى ساحة الكوفة حيث تركا الجملين وسارا من هناك إلى منزل سعيد وكانا في أثناء الطريق يلتقيان بأهل الكوفة مسرعين زرافات ووحدانا إلى منزل الإمام علي على أثر ما سمعوه من مقتله وهما لا يكلمان أحدا.
وكان سعيد لم يدخل منزله منذ ذهب إلى الفسطاط فلم يجد فيه أحدا لأن الخدم ساروا في جملة من سار إلى منزل الإمام. وكان التعب قد أخذ منه مأخذا عظيما لطول ما قاساه من السهر والقلق بعد سفره الطويل. فدخل الدار من باب خصوصي كان مفتاحه معه وترك بلالا يهتم بالجملين. وبدل ثيابه وهو غارق في بحار الهواجس يفكر في ما رآه من الأهوال وما يتوقعه بعد موت الإمام علي من اختلاف الأحوال.
فلما فرغ من تبديل ثيابه توسد وسادة يلتمس الاستراحة وهو يفكر في ما يتوقع سماعه من بلال ولكن التعب تغلب عليه وغلب عليه النعاس فنام. ودخل بلال عليه فرآه نائما فتوسد مقعدا في غرفة أخرى وجعل يستعد لمكاشفة سعيد بما يجول في خاطره من الشؤون حتى نام.
الفصل التاسع والستون
خولة وابن ملجم
وظلا نائمين إلى الغروب فأفاق سعيد من صوت الخدم وهو يفتحون الباب بعد عودتهم إلى البيت وقد بغتوا لما رأو سيدهم هناك على غير انتظار.
أما هو فعذرهم لغيابهم ودعا بلالا فوقف بين يديه فدعاه للجلوس فاستأذن في إغلاق الباب والاختلاء فأمر بعض الخدم فأضاء له مصباحا وضعه على مسرجة وخرج فأغلق بلال باب الغرفة وجلس إلى سعيد والاهتمام باد على وجهه.
فقال سعيد «تكلم يا بلال ما بدا لك».
قال «أيأذن لي سيدي أن أساله أولا ما الذي دعا إلى فشل مهمته».
Page inconnue