يقول فيها
بنَفْسِي من أهدى الزمانُ بقاءه ... وعاد لما أهدى يَهدُّ ويسلُب
وما أحد يخفي عليه قضاؤُه ... فيرجو ولكن البقاء محبب
مَواعده برق لراجيه خُلَّب ... فلا تك ممن بالمطامع يخُلَب
أحمد بن عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن بن إبراهيم بن أبي بكر بن إبراهيم الكردي الأصل، المهراني، المعروف بابن العراقي، الحافظ الإمام قاضي القضاة بالديار المصرية، ولي الدين أبو زُرْعَة ابن الحافظ الكبير، إمام الحافظ، وأستاذ المحدثين، أبي الفضل، من المائة التاسعة.
ولد في شهر ذي القعدة سنة اثنتين وستين وسبعمائة. وبكر به أبوه فأحضره علي أبي الحَرَم القَلانِسّي. واستجاز له من العُرْضِي. ورحل به إلى الشام سنة خمس وستين فأدرك جماعة من مسندى دمشق ممن يروى عن الفخر ابن البخاري وغيره. ثم رجع به فحفظ القرآن وعدة مختصرات في الفنون. ونشأ يقظًا وأسمعه أبوه الكثير ثم طلب هو بنفسه، فسمع الكثير بقراءته وقراءة غيره.
ثم رحل بنفسه إلى الشام ثانية، فسمع الكثير بقراءته وقراءة غيره، من أصحاب القاضي تقي الدين، وابن الشيرازي، والقاسم بن المظفر، والمطعّم وغيرهم.
وسمع قبل ذلك من جمال الدين ابن نُبَاتَة، والبَيَاني وغيرهما. وتردد إلى حلقة الشيخ جمال الدين الإسنوي وغيره. ومهر في عدة فنون واشتغل فيها وهو شاب. ونشأ على طريقة حسنة من الصيانة، الديانة والأمانة والعفة، مع طلاقة الوجه وحسن الصورة، وطيب النَّغْمَة، وضيق الحال، وكثرة العيال، إلى أن اشتهر أمره، وطار ذكره.
ولما مات والده تقرر في مناصبه الجليلة، فزادت رياسته. وناب في الحكم قديمًا في حدود التسعين. وأجيز بالفتوى والتدريس قديما. ودرس في عدة أماكن في حياة والده ومشايخه. ثم أقبل على الفقه، فقسم الروضة بين أربعة أنفس ممن
1 / 60