وغفر له. ومن قال: القرآن مخلوق، جعلت يمينهُ يمينَ قرد، فيعيش بعد ذلك شيئًا يسيرًا ثم يصير إلى النار: ورأيت قائلًا يقول: مسخ ابن أبي دُوَادم، ومسخ شعيب، يعني ابن سهل القاضي. وأصاب ابن سماعة الفَالِج، وفلانا الذبحة. وعن أبي الحسين ابن الفضل أنه سمع عبدَ العزيز بن يحيى المكي قال: دخلت على أحمد بن أبي دُوَاد وهو مفلوج، فقلت له: لم آتك عائدًا، ولكن جئت لأحمد الله على سجنك في جلدك.
وقال الصولي: لولا ما وضع به أحمد بن دُوَاد نفسه من محبة المحنة، لاجتمعت الألسن على مدحه.
ولم يذكر الخطيب في ترجمته شيئًا يدل على أنه له رواية. لكن قال الذهبي في الميزان: قلَّ ما روى.
وقال ابن النديم في الفهرست: كان من كبار المعتزلة، جَرَّد في إظهار المذهب وذَبَّ عن أهله، وبالغ في العناية به وكان من صنائع يحيى بن أكثم وهو الذي أوصله إلى المأمون. ثم اتصل بالمعتصم، فغلب عليه. ولم يكن يقطع أمرًا دونه ولم يُر في أبناء جنسه أكرمه منه. ويقال: إنه لم يكن له أخ من إخوانه إلا بَني له دارًا ووقف على ولده ما يغنيهم أبدًا. ولم يكن لأخ من إخوانه ولد إلا من جارية وهبها له.
ومما يحكي من كرمه أن انقطع شِسْعه فناوله رجل شسعًا، فوهب له خمسمائة دينار.
وكان سبب اتصاله بالمعتصم وتمكنه منه أنه كان يتردد إليه أحيانًا، فلما فوض المأمون أمر الشام ومصر لأخيه أبي إسحاق، وأمره بالمَصِير إلى عمله ليكشف عن أحواله، قال المأمون ليحيى بن أَكْثَم: انظر لي رجلًا حصيفًا لبيبًا، له علم ومعرفة وثقة، أنفذه مع أبي إسحاق، وأوليه المظالم في أعماله، وأتقدم إليه في مكاتبتي بجميع الأخبار سرًا، ولا يترك شيئًا من أمور القواد والعمال والخاصة والعامة إلا طالعني به، فإني لا أثق بمن يتولى البريد. وتكون
مكاتبته إليك، وأنت تقرؤها علي. فقال: يا أمير المؤمنين عندي رجل من أصحاب أبي إسحاق أثق بدينه،
1 / 46