واعلم أن مما كتب العلامة السيد حسن الجلال بخطه على جامع الأصول في آخر الروايات ما لفظه: "تنقيح لا يخفاك أن مدار حجة أبي بكر وعمر في منع علي والعباس هو أمران : أحدهما : دعواه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:"إنا لا نورث" ودعوى عمر أنهما يعرفان ذلك القول من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنهما اعترفا بمعرفته ، وهذا مندفع بقوله: "فرأيتماه كاذبا غادرا آثما" لظهور منافاة ذلك لإقرارهما بكونه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وثانيهما: احتجاجه بفعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكيفة(¬1)تصرفه ذلك المال، على نفي كونه موروثا.
وهذا احتجاج ساقط لأن إنفاق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لشيء منه في الجهاد وابن السبيل، لا ينافي كونه مملوكا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومدار الجهاد والصدقة على إنفاق خاصة ملك الرجل التالد والطارف، والحث على ذلك ضروري في كتاب الله، فكيف يكون إنفاق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الشيء من ماله دليلا على عدم ملكه باستحقاق الله، هل هذا إلا قلب للحقائق، فإنا لله وإنا إليه راجعون" انتهى من خطه.
قلت لا يخفى أن في الصدقة هذه التي دارت، بين الوصي وعمه وعمر ثلاثة أشياء، قالها عمر لهم ، الأول: قال لهما: "أنهما يزعمان أويريان أن أبا بكر كاذب ظالم ".
الثاني: قوله "أنه بار صادق".
الثالث: قوله: "أتعلمان أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال ذلك ؟، أي: "لا نورث" الحديث. قالا: نعم "، فسكتا عن جوابه في الأمرين الأولين.
فإن قلنا:سكوتهما يكون تقريرا لما قاله وتصديقا له كان تصديقا للمتناقضين، أن أبا بكر كاذب، وهذا لا يصدر من مثلهما، ولا عمن هودونهما من العقلاء فضلا عن النبلاء.
Page 59