"لولا علي لهلك عمر"، ويقول له : "أطال الله بقاءك"، وفي الحديث : "أن عليا باب مدينة العلم"(¬1)، مع أنه تسامح ابن حجر في قوله:"لبيان قسمة الميراث لوكان"، فإنه لوكان هناك ميراث، لما استحق العم والبنت النصفين إلا بعد إخراج ثمن الزوجات.
وإذا بطل ما قاله، فالذي يظهر لي بعد التأمل، أن مراد عمر - رضي الله عنه - "جئتني إلى آخره" أي في أيام أبي بكر وحياته ، ويحتمل أمرين: (الأول): جئتما أبا بكر، ونسب إتيانهما إلى نفسه، لأنه كان أقرب الناس إلى أبي بكر، وأشدهم اتصالا به، وكان شويره ووزيره، فنسب المجيء إليه، إما لأنه كان حاضرا في موقف مجيئهما أو لأنه لما كان بتلك المثابة نسب إتيانهما إليه، كما يقول وزير الملك: جاءنا اليوم كذا، وقلنا كذا، أوجاءني وقلت،مع أن الجائي جاء إلى الملك.
(والأمر الثاني): من الاحتمالين، وهوالذي ظهر لي بعد طول التأمل، أن مراد عمر بقوله: جئتني يا عباس تسألني نصيبك إلى آخر كلامه، أنه إخبار عن مجيء متقدم، وقع عقب وفاته صلى الله عليه وآله وسلم وأن العباس والوصي رضي الله عنهما وصلا إلى عمر يسألانه أن يبلغ أبا بكر مطلوبهما من الميراث، لأن عمر كان أخص الناس بأبي بكر وأقربهم منه مجلسا بمنزلة الوزير والشوير له ، وأن مراد عمر جئتني ياعباس أبلغ مطلبك إلى أبي بكر، ومثله قوله للوصي، وقوله: فقلت لكما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "لا نورث ما تركناه صدقة" أي قلت مبلغا عن أبي بكر جوابه عليكما، وهذا التأويل هو الذي ينشرح له الصدر، فإنه سالم عن كل إشكال، وإيراد الأدلة قائمة على أنه المراد:
Page 45